العدد 2739
الخميس 14 أبريل 2016
banner
لله درك يا “سادات”
الخميس 14 أبريل 2016

حين كان الوطنيون يتحدثون عن معاهدة “كامب ديفيد” بأنها كارثة على مصر والعرب، كان المطبلون حينها يرفضون تلك المقولة ويبررون لتلك المعاهدة المشؤومة ويثنون على من أقدم عليها في تلك الأيام كونها – حسب فهمهم - ستجلب السلام والخير لمصر وتنهي معاناة الشعب العربي المصري، وصدق الوطنيون وكذب المطبلون كالعادة، وكان من ضمن المطبلين أغلبية اعضاء مجلس الشعب المصري في ذلك الوقت من الذين باركوا – كالعادة – مغامرة أنور السادات وصوتوا للمعاهدة التي ربما لم يقرأها أغلبهم، مع أنها معاهدة لم تجلب غير الخراب على مصر والعرب.
مؤخرا وبعد أن وقعت مصر والمملكة العربية السعودية اتفاقية ترسيم الحدود بينهما في ما يخص جزيرتي (تيران وصنافير) قامت قيامة ما يسمى “إسرائيل” وتحدث كثيرون من قادتها عن رفضهم تلك الاتفاقية مع أنها اتفاقية عربية خالصة بين دولتين عربيتين وتخص أرضا عربية، فما دخل الكيان الصهيوني بها؟ ولماذا يتحدث قادته عنها؟
هنا تكمن المصيبة التي وضع السادات مصر فيها عن طريق تلك الاتفاقية، فهي تعطي الكيان الصهيوني الحق في الاعتراض عليها كون الاتفاقية اعتبرت الجزيرتين أراض مصرية، بالتالي لا يحق لمصر التصرف فيها إلا بموافقة “إسرائيل”، أي أن هذا الكيان، وبسبب الاتفاقية، يمكن أن يوقف سيادة مصر على أراضيها ويمنع عقدها اتفاقيات معينة مع أشقائها إن كان يمكن أن تتعارض مع اتفاقية “كامب ديفيد” المشؤومة .
المصيبة أن مصر ترسل نسخة من الاتفاقية ورسالة بطلب الموافقة عليها إلى الكيان الصهيوني وتنتظر الرد من ذلك الكيان لتمرير الاتفاقية – أليست هذه مصيبة وضع السادات مصر فيها - ، لله درك يا سادات، بما فعلت.
هذه الجزر تقع في المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية، مع أننا لا نميز بين تلك المياه كونها مياها عربية داخلية، ولا فرق بين الدولتين، ولكننا هنا نتحدث عن كيان خارجي عدو للدولتين يمكن أن يتحكم في ما يحدث بينهما، بل ويحدد نوع العلاقية بينهما، أليست تلك مصيبة وضع السادات مصر فيها؟
جميعنا نذكر الفريق “عبدالغني الجمسي” وهو القائد ذو الدور الكبير والمميز في حرب أكتوبر بين العرب والكيان الصهيوني، هذا القائد سالت دموعه وبكى، ليس بسبب تلك الاتفاقية فقط، بل بسبب اتفاقية فك الارتباط بين مصر وإسرائيل، مع ان فك الارتباط كان اقل بكثير مما نصت عليه اتفاقية كامب ديفيد، ومع ذلك بكى لأن ما يحدث يسلب حرب اكتوبر النصر الذي تحقق ويقيد مصر بقيود لا داعي لها، قيود يمكن ان تفرض على المهزوم وليس على المنتصر.
ومعظمنا يذكر وزير خارجية مصر حينها “اسماعيل فهمي” الذي استقال من منصبه بسبب الزيارة المشؤومة التي قام بها السادات لفلسطين المحتلة والتي كانت المقدمة لتلك الاتفاقية، ثم معظمنا يذكر من أتى بعده مباشرة ووقت مباحثات اتفاقية كامب ديفيد وأعني به “محمد ابراهيم كامل” الذي لم يحتمل نصوص الاتفاقية فقدم استقالته وهو في الولايات المتحدة الأميركية ضمن الوفد الذي صحب السادات حينها، هؤلاء رجال وعوا حقيقة ما كان يجري وآثاره المستقبلية على مصر والعرب فآثروا عدم المشاركة في تلك المصيبة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية