العدد 2737
الثلاثاء 12 أبريل 2016
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
إعلامنا الخليجي... إلى أين؟
الثلاثاء 12 أبريل 2016

إننا في دول الخليج نؤمن إيمانا كبيرا بمفهوم الحرية الإعلامية، كونها حقا من حقوق المواطن، وجزءا من عملية التنمية والإصلاح، وخير دليل الكويت والبحرين وقطر والإمارات والانفتاح الاعلامي بكل من السعودية وعمان، ساهمت وسائل الاعلام فيها بعملية الاصلاح والتطور والنهضة. ولكن على الجانب الآخر فإن هذا المفهوم للحرية استغلته قوى اقليمية بالقيام بعمليات الفتنة الطائفية والتحريض وضرب الوحدة الوطنية، والعديد من القنوات التي تتجاهل ما يحدث في بلدها، وتعمل على الاضرار بأمن الخليج.
القائمون على قمر عرب سات ونايل سات عليهم التصدي لهذه القنوات الطائفية المثيرة للقلاقل، كما فعلوا مؤخرا مع قناة المنار، والتي تعمل على إثارة النعرات الطائفية، وتعمل على الاخلال بالأمن والوحدة العربية، ولا تلتزم بالمعايير المهنية للعمل الإعلامي الجاد القائم على الموضوعية والنزاهة والحياد، كما تفتقر لأبسط قواعد وأساليب الإقناع. وسبق لنا ان قمنا وصنفنا هذه النوعية من القنوات التي تمتد في الفضاء الإعلامي العربي، على أنها معادية للعرب، لما لها من أهداف وسياسة واضحة للعيان تستهدف ضرب النسيج العربي تحت اسم حرية الاعلام. ولهذا فإن على الدول والاعلاميين العرب كافة التصدي بكل شدة لهذه القنوات الطائفية ذات الأهداف المشبوهة، من خلال تبصير الرأي العام بأخطارها، وانتهاء بوقف بث تلك المعاول الهدامة من سمائنا.
ولابد من الاعتراف بأن هناك عدة أسباب تعرقل تطور الاعلام الخليجي وتعيق عمل الصحافي والاعلامي. ويمكن بكل بساطة ان نصيغ هذه الاسباب، وهي عدم وجود مرجعية اعلامية واضحة للاعلامي والصحافي الخليجي، تحدد له نقاط الحرية التي ينطلق منها، والمحظورات التي يجب التوقف عندها من قرارة نفسه وبإيمانه المطلق وليس من خلال تعليمات وأوامر صادرة له. كذلك عدم شعور الصحافي والاعلامي الخليجي بمدى أهمية وقوة وقدسية رسالته في بناء المجتمع وتنميته وتطويره. أيضا نظرة الريبة والشك التي تحوم حول الصحافي من قبل السلطات، بسبب الخوف من قيام الصحافي والإعلامي بالتعدي على الثوابت الوطنية والدينية والاجتماعية للمجتمع. وأخيرا عدم وجود ميثاق يحقق مصالح الأطراف المشاركة في صناعة الاعلام بشكل منصف لكل من الصحافي والاعلامي، المؤسسة الاعلامية، والسلطة، بحيث يتفهم كل طرف من الأطراف حقوقه وواجباته تجاه الآخرين.
المهم أن على الصحافي والاعلامي ان يجعل نصب عينيه وجل اهتمامه فيما يكتبه وينشره ويقوله قاعدة واضحة وهي التعبير عن الهوية الخليجية له في كل محتوى وخطاب اعلامي له، لا أن ينطلق في كتاباته وخطاباته ورسائله الاعلامية من منطلقات تخص أهواءه ومصالحه الحزبية والطائفية. بهذه القاعدة، يمكن للسلطة ان تطمئن وتعرف أن خطاب الصحافي ورسالته هي رسالة ومحتوى وطني، ولا  يجب أن يكون شخصيا أو حزبيا أو طائفيا يمكن معه الاخلال بالمجتمع. وهذا ارتقاء بعمل الصحافي والاعلامي، كونه شخصا مسؤولا ينطلق من هوية واضحة المعالم.
كذلك يجب على السلطة الوثوق بأن الصحافي والاعلامي رسول يؤدي أمانة للمجتمع، ويقوم على بث الشعور بالهوية الخليجية والانتماء للوطن الخليجي. وعليه فإن السلطة ملزمة بتوفير كل ما من شأنه تسهيل مهمة هذا الرسول، سواء بسن القوانين والبنود التي تسمح له بحرية ممارسة عمله، أو بإزالة العراقيل التي تمنعه من أداء هذا الدور التنموي للمجتمع، وفي هذا ارتقاء بعمل السلطة وتبنيها حرية الاعلام المعبر عن الهوية الخليجية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية