+A
A-

العاهل: علاقة البحرين مع واشنطن لم تكن وليدة الاتفاقات بل تعود للعام 1893

استقبل عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بحضور رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة في قصرالقضيبية أمس وزير الخارجية بالولايات المتحدة الأميركية الصديقة جون كيري؛ بمناسبة زيارته المملكة؛ للمشاركة في الاجتماع الوزاري المشترك مع وزراء الخارجية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وفي بداية الاستقبال، تفضل جلالة الملك بإلقاء الكلمة السامية التالية هذا نصها:
معالي وزير الخارجية جون كيري
الضيوف المميزون
يسرنا للغاية أن نرحب بكم معالي الوزير كيري ووفدكم المرافق هنا في البحرين، إذ تأتي زيارتكم هذه في منعطف هام في تاريخ منطقتنا والعالم لتؤكد أهمية الشراكة التاريخية المتجذرة بين البحرين والولايات المتحدة الأميركية.
فالعلاقة التاريخية بين بلدينا لم تكن وليدة لاتفاقيات بين الحكومات، ولكن من خلال الصداقة بين الشعوب. فهي تعود للعام 1893 حينما قامت مجموعة من الأميركيين الشجعان بالسفر لبلاد نائية وأنشأوا فيها مستشفى لا يزال يقدم خدماته لشعبنا حتى يومنا هذا. وخلال العقود التي أعقبت ذلك، ازدهرت العلاقة وأصبحت اليوم تشمل العلاقات الأمنية والاقتصادية والثقافية والمستمرة في التطور عاماً بعد عام.
وفي أواخر الأربعينات من القرن الماضي رحبنا بإنشاء القوة الأميركية للشرق الأوسط في البحرين، وهي عبارة عن مرفق بحري صغير لتقديم الدعم اللوجستي والاتصالات للقوات البحرية في المنطقة، فكان حجر الأساس في بناء التعاون الأمني مع البحرين والمنطقة برمتها. وعلى مدى السنوات تطورت علاقاتنا الأمنية لتصبح كما هي عليه الآن، حيث يؤدي الأسطول الأميركي الخامس ومقره المنامة دوراً محورياً في تأمين الملاحة البحرية في مياه الخليج العربي في التزام مع دول مجلس التعاون لمصلحة الأمن والتجارة العالمية.
وبصفتنا حليفاً هاماً غير عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فقد قمنا بتنفيذ العديد من التمارين العسكرية المشتركة والمشاركة مع القوات الأميركية في العمليات العسكرية والإنسانية في أفغانستان. فضلاً عن ذلك، لقد عملنا سوياً على تأمين مياه الخليج العربي، والحفاظ على مضيق هرمز باعتباره شريان التجارة الحيوي في المنطقة وفي مكافحة القرصنة في خليج عدن. ونقف سوياً في مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل وعملنا من أجل السلام العالمي. وقد كانت العملية المشتركة الأكثر أهمية هي عملية قوات درع الجزيرة وعاصفة الصحراء، والتي كانت مشاركة البحرين فيها تلي مباشرة مشاركة المملكة العربية السعودية الشقيقة في عملية تحرير دولة الكويت (ولتأكيد أهمية الجهود المشتركة، فقد عرضت عليَّ ذات مرة صورة تظهر فيها أربع حاملات طائرات أميركية في المياه الاقليمية للبحرين في ذات الوقت ضمن عملية تحرير الكويت)، وهي أكبر التزام بحري على الإطلاق.
ولقد نمت العلاقات التجارية بين البحرين والولايات المتحدة بشكل كبير منذ بدء تنفيذ اتفاقية التجارة الحرة بين بلدينا في عام 2006 وذلك نتيجة لطبيعة الاقتصاد البحريني وتنوعه، كما نتطلع لتعزيز علاقاتنا التجارية في السنوات القادمة. وكل ذلك جزء من الشراكة المتينة والمتنامية، وحيث إن المنطقة تمر بوقت عصيب في مكافحة التطرف والارهاب، فإن استمرارية شراكتنا تظل ضرورية لمواجهة هذه التحديات.
ونتطلع لتعزيز علاقاتنا التاريخية مع الولايات المتحدة خلال السنوات المقبلة كما أؤكد مجدداً أن هذه العلاقات ستبقى كما كانت محور اهتمام مملكة البحرين. وبالرغم من سوء الفهم لعلاقاتنا في السنوات الأخيرة، أؤكد لكم أيها الوزير كيري، وكما قال رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق الأدميرال ويليام كراو “جنيه بجنيه، إن البحرين كانت ولا تزال الصديق الأفضل لأمريكا في المنطقة”.
الوزير كيري، نرحب بكم ووفدكم مرة أخرى في المملكة، متمنين لكم وفريقكم زيارة ناجحة ومثمرة للمنطقة.
شكراً لكم
ثم ألقى وزير الخارجية الأميركي كلمة قال فيها:
صاحب الجلالة،،
بداية اسمح لي أن أنقل إلى جلالتكم وإلى الحضور تحيات الرئيس الأميركي باراك أوباما وتحيات الشعب الأميركي الذي يقدر عاليا قوة العلاقات بين البلدين، وأود شخصياً أن أتقدم بالشكر لوزير الخارجية الذي لا يمثل نظيراً قوياً كوزير خارجية فحسب، بل أصبحت تربطنا صداقة حميمة، ولقد عملنا سوياً لسنوات عديدة.
جلالة الملك، نحن نواجه حالياً تحديات كبيرة، ولقد تطرقتم للتو للعديد منها، وأنا أتفق أن البحرين كان لديها دوماً مساهمات كبيرة في مواجهه هذه التحديات، ومازال هناك تحديات في المستقبل وأنتم تدركون ذلك.
أنا أحيي الخطوات التي اتخذتموها بدءا من العام 2001 بإقرار ميثاق العمل الوطني بمساندة من سمو ولي العهد وغيرهم من المعنيين للدفع بالعملية السياسية في البحرين قدما، ونحن ندرك التزامكم الصادق للتقدم.
ونحن نقدر أيضاً عملكم معنا في أفغانستان وفي التحالف الدولي، نحن نتقدم ونؤمن بأنه بإمكاننا تحقيق المزيد، وأنا أتطلع إلى أن نتطرق اليوم إلى بعض الخطوات المستقبلية، ولكنني وأمام هذه الجمع أؤكد لكم أن الولايات المتحدة الأميركية ومملكة البحرين ترتبطان بروابط قوية وصلبة لمحاربة الإرهاب والتطرف معاً، وللعمل على التحولات الاقتصادية، وسنشهد تواصل لهذه العلاقة القوية بين البلدين في المستقبل، ونشكركم على التزامكم بها.
وخلال اللقاء استعرض صاحب الجلالة مع وزير الخارجية الأميركي العلاقات الثنائية التاريخية وأهمية تعزيزها وتطويرها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين، اضافة إلى بحث أبرز القضايا والتطورات المستجدة في المنطقة والأحداث الاقليمية والدولية، وجهود مكافحة الإرهاب والتطرف، حيث جرى تبادل الآراء ووجهات النظر حولها.
وأكد جلالة الملك دعم مملكة البحرين للمساعي الهادفة إلى إرساء دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، معربا عن تقديره للدور الذي تضطلع به الادارة الأميركية في حفظ أمن واستقرار المنطقة وخدمة قضايا السلام العالمي.
وقد أقام حضرة صاحب الجلالة الملك مأدبة غداء تكريما لوزير الخارجية الأميركي.