العدد 2730
الثلاثاء 05 أبريل 2016
banner
إيران والإرهاب الدولي... مسلسل قديم جديد (1)
الثلاثاء 05 أبريل 2016

لا أعتقد أن هناك باحثا سياسيا يمكن أن يٌفاجأ بنشر تقارير تتناول إثبات علاقة إيران بالإرهاب، فعلاقة ملالي إيران بالإرهاب الدولي تبدو مثل علاقة البرازيل بكرة القدم، فلا حديث عن هذه الرياضة من دون أن تشير إلى بصمات برازيلية سواء على مستوى الأداء الرياضي المهاري أو البطولات أو غير ذلك. ومع فارق التشبيه، فلا حديث موضوعي ومنطقي ولا نقاش علمي جاد عن الإرهاب الدولي بمعزل عن دور إيران وتأثيرها في نشر هذه الظاهرة البغيضة.
قد يعتقد البعض أن علاقة إيران بالارهاب بدأت في العراق وسوريا، او أنها انطلقت مع توجه إيران لتمويل “جماعة الحوثي” في اليمن، ولكن استقراء التاريخ الايراني المعاصر، يشير إلى حالة من التوحد بين نظام الملالي والإرهاب الدولي، الذي قدم خدمات غير جليلة لهذا النظام منذ الثورة الايرانية عام 1979. فقد شغل النظام الايراني الجميع اقليمياً منذ قيام الثورة بفكرة “تصدير الثورة”، ولكنه على الأرض قام بتصدير الإرهاب، بل اختار النوع الأسوأ على هذا الصعيد وهو ارهاب الدولة، ساعده في ذلك ضعف وتردد القوى الدولية حيال سلوكيات وممارسات البلطجة والإرهاب الإيراني، ووجود أجندات وحسابات استراتيجية غربية حرفت الأنظار عن الدور الإيراني المتنامي على صعيد دعم الارهاب.
ومؤخراً، توصلت المحاكم الأميركية إلى علاقة مؤكدة لإيران باعتداءات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية في الولايات المتحدة؛ وبناء عليه، قررت محكمة فيدرالية في نيويورك تغريم إيران 10 مليارات ونصف المليار دولار بسبب تورطها في دعم منفذي هذه الاعتداءات من عناصر “القاعدة”.
اللافت في الموضوع، لا يكمن في إثبات العلاقة بين النظام الايراني وتمويل تنظيم “القاعدة”، ولكن في تأخر هذا الاثبات على الصعيد القضائي، لأن هناك علاقة تآمر آثمة بين قادة الحرس الثوري الايراني وقيادات تنظيم “القاعدة” منذ سنوات طويلة، وهي علاقات معروفة وهناك عشرات الدلائل والبراهين المؤكدة عليها، فمن السذاجة أن يعتقد أحد أن طهران يمكن أن تقيم الحجة القانونية الدامغة على انتفاء أية علاقة لها بعناصر “القاعدة”، وهي التي آوتهم وأسرهم ووفرت لهم مقرات آمنة بعيداً عن الملاحقات الأمنية لسنوات طويلة.
من السذاجة أيضاً أن يتخيل البعض أن الولايات المتحدة وأجهزتها الاستخباراتية تجهل هذه المعلومات، فقد حصلت وكالة الاستخبارات الأميركية (سي أي أيه) على رسائل في منزل أسامة بن لادن عقب مقتله في باكستان عام 2011، وتفاصيل هذه الوقائع نشرتها حينذاك بالتفصيل صحف أميركية عدة. وهناك ملفات ودراسات كثيرة منشورة تثبت علاقة إيران بتنظيم “القاعدة” وقادته وإيوائها أسرهم عقب اعتداءات 11 سبتمبر 2001.
الحكم القضائي الأميركي هو الثاني من نوعه، حيث سبق أن أصدرت محكمة أميركية حكم غرامة مماثلا بنحو ستة مليارات دولار على إيران في عام 2012 كتعويض لأسر ضحايا 11 سبتمبر، وإيران تدرك خطورة تراكم الأدلة والبراهين والحجج لدى القضاء الأميركي على تورطها في دعم “القاعدة” في تلك الاعتداءات، وتخشى أن يكون لهذه الأحكام تأثير سلبي على خطط استرداد أموالها المجمدة بالمليارات، والتي أفرج عنها بموجب الاتفاق النووي بين طهران والقوى الدولية، ولذا تحاول جاهدة تحميل دولة عربية أخرى مسؤولية هذه الاعتداءات بحجة أن الارهابيين منفذي الجريمة يحملون جنسيتها. إيلاف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .