العدد 2727
السبت 02 أبريل 2016
banner
سوريا ولبنان... خطوات على طريق واحد
السبت 02 أبريل 2016

ربما يمكن القول إن الجغرافيا تضع بصمتها على تكوين المجتمعات، إلا أنه في الحالة اللبنانية السورية تدخل عوامل أخرى تضع بصمتها على مسار المجتمع العربي في كل من سوريا ولبنان، لذلك يمكن القول إن المجتمعين يسيران في نفس الطريق الذي نراه وللأسف الشديد هو طريق وعر به الكثير من المرتفعات والمطبات الصناعية التي تغير في ذلك المسار نحو النهاية أو النتيجة السلبية وليس الإيجابية، نتيجة هادمة وليست بانية للمجتمع كما يريد محبو البلدين أن يكون المستقبل.
النزاع الطائفي وما أنتجه من حرب أهلية في لبنان منذ العام 1976 وحتى مؤتمر الطائف نهاية الثمانينات من القرن الماضي أودى بلبنان و”ديمقراطيته” إلى الدرك الأسفل، وقلب لبنان من بلد منفتح مسالم (ديمقراطي) إلى مجتمع مغلق ينتشر فيه النزاع والحروب المختلفة بين الأطراف إضافة إلى تراجع الديمقراطية فيه إلى مراحل كبيرة خلفا وليس أماما، وما أحدثته الحرب الأهلية بلبنان هو أن أودت به إلى الخضوع للاحتلال والتدخل الأجنبي الذي هيمن على القرار اللبناني وأبعده عن حضنه العربي وجعل منه بلدا بلا قرار ولا قدرة على اتخاذ القرار الوطني، وهذا ما ادى به إلى أن يكون بلدا بلا رأس وغير قادر على انتخاب رئيس له كما ينص  الدستور اللبناني، ثم ان هذا النزاع والحرب التي نتجت عنه، جعلا لبنان بلدا مليئا بالأحزاب التي تحمل مسمى الحزب ولكنها تعمل كمليشيات تمارس الحرب والقتل فيما بينها والنتيجة من كل ذلك أن المواطن في هذا البلد أضحى بلا امن ولا مستقبل واضح ولا قدرة على المساهمة في بناء ذلك المستقبل أو المشاركة في اتخاذ القرار الذي أضحى بيد السلاح المنتشر على الأرض اللبنانية.
هذا بالتمام ما يحدث في سوريا العروبة التي تبتعد شيئا فشيئا عنها، وعلى العكس من لبنان فإن سوريا وبسبب انعدام الحرية فيها ولكن مع وجود التنازع بين أطراف كثيرة لا حصر لها غدت بلدا محتلا لا يملك قراره، بلدا ممزقا بين طوائف مختلفة متحاربة، بلدا يتحدث فيه السلاح بعيدا عن الحوار والمنطق وعن الديمقراطية وسيبتعد عنها أكثر في السنوات القادمة حتى بعد سكوت السلاح من بلد بعيد عن مستقبل مواطنيه غير قادر على بناء ذلك المستقبل، به مواطن غير قادر على المساهمة في البناء أو المشاركة في القرار.
لبنان كان به نوع من الدمقراطية الظاهرية وليست الحقيقية، فقد كان أبناؤه يتمتعون بها ولكنها كانت جالسة على صفيح ساخن من النزاع الطائفي المقيت، أما سوريا فقد ابتعدت منذ سنوات عن أي نوع من الحرية الفردية أو الجماعية، بلد يقوم على التمييز بين البشر على أساس الدين أو المذهب، فتحول بين ليلة وضحاها إلى بلد بلا هوية، بلد يضم على أرضه هويات شتى تقاتل بعضها البعض وتنحر بتقاتلها الوطن والمواطن.
إن الوطن العربي بكامله معرض لما تتعرض له سوريا وما عايشه ويعايشه لبنان لو استمر حال النزاع التحتي بين الأقطاب المتنافرة فيه، ولو استمرت هذه الأقطاب على التمسك بهذا التنافر بعيدا عن المواطنة الحقة التي من خلالها يمكن إقامة بلد موحد متجانس يشعر فيه الإنسان بقيمته التي يستحقها كإنسان وليس كشيء يسير على الأرض فإن الوطن العربي من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه لن يعيش الحياة التي يريدها المواطن العربي، والسبب من يساهمون في كل ذلك ومازالوا في سباتهم وتمسكهم بمعايير بالية يحكمون بها هذا الوطن المبتلى... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية