شيء غريب جدا ما ذكره الزميل يوسف البنخليل عن غضب السفير الأميركي من كتاباته وقيام الثاني بالحديث عن هذا الأمر في صورة عتاب أو شكوى مع اثنين من الوزراء البحرينيين.
والغرابة هنا ليست فيما قاله الزميل يوسف البنخليل، ولكن في تصرف السفير الأميركي الذي يمثل الدولة التي تتباهى بحرية الرأي والتعبير وتنحاز بشكل واضح وأحيانا مبالغ فيه لمن يتعرضون لمضايقات في بلدانهم بسبب ما يقولون أو يكتبون.
يبدو أن مفهوم حرية التعبير لدى الأميركيين هو أيضا مفهوم مطاط مثل مفهوم الإرهاب لديهم، فالإرهاب بالمفهوم الأميركي هو أي عنف موجه ضد إسرائيل أو أميركا حتى وإن كان في صورة مقاومة، أما العنف الذي تقوم به إسرائيل وأميركا ضد أي طرف فهو عمل مقدس وأصحابه محميون من الوقوف أمام المحكمة الجنائية الدولية.
فهل حرية التعبير أيضا أكذوبة انطلت علينا لسنوات طويلة، وأن أميركا كغيرها من الدول التي تضيق على حرية التعبير وتقوم ولو سرا بتكميم أفواه من ينتقدون سياساتها؟
هل يقوم السفير الأميركي بعمل قوائم سوداء وبيضاء للكتاب البحرينيين على حسب موقف كل كاتب من الدولة الكبرى في العالم؟
إذا كان الأمر كذلك فسوف يكون البنخليل بلا شك على رأس القائمة السوداء لأنه أكثر كاتب يتناول السياسات والمواقف الأميركية بالنقد في كتاباته.
لقد ضرب السفير الأميركي سمعة بلاده في مقتل على الأقل لدى الذين علموا بقيامه بعرض الأمر على وزراء بحرينيين، فكيف لسفير أميركا الكبيرة أن يتضرر من عمود أو مقال صحفي مهما كان منتقدا لبلاده وسياساتها؟
لقد وصلت المأساة ذروتها عندما قام البنخليل بكشف المستور لقرائه، ففي ذلك نقد غير مباشر لأميركا ممثلة في سفيرها.
يجب أن يعرف السفير الأميركي أن مقالا صحفيا لا يضر بأميركا، إنما يضر بها تناقض سياساتها وكيلها بمكيالين في كثير من القضايا، وأن بناء الثقة والصداقة مع الشعب البحريني وغيره لا تتحقق بزيارة أو زيارات يقوم بها للوزراء ويطلعهم على ما يزعجه في الصحافة البحرينية، فأميركا أكبر بكثير من ذلك، ولكنها يمكن أن تتحقق عندما تتطابق الأقوال والشعارات مع الأفعال.
إن أمام السفير الأميركي مهمة أكثر أهمية، إن هو أراد أن يخفف غضب كتاب البحرين، وهي أن يلبي الدعوة التي وجهت إليه بضرورة أن يظهر في تلفزيون البحرين ويتحدث عن التقرير الموسع الذي خصت به الخارجية الأميركية البحرين دون سواها وكأن البحرين تمثل أم المشاكل لديها.
وليقدم لنا سعادة السفير الأميركي تفسيرات واضحة لكثير من الاتهامات والمواقف الغريبة التي جاءت بتقرير خارجية بلاده.