العدد 973
الإثنين 13 يونيو 2011
banner
تجمع الوحدة الوطنية أمامه تحد كبير
السبت 27 أبريل 2024

عندما سمعت بنبأ تحول تجمع الوحدة الوطنية إلى جمعية سياسية أصابني شيء من الخوف، ليس لأن هذا التجمع غير قادر على ممارسة العمل السياسي أو لأي سبب آخر، سوى أنني كغيري من الناس أحببت هذا التجمع ولمست الإخلاص في نوايا ومنهج المنضوين تحته على اختلاف مذاهبهم وأيديولوجياتهم، ولأن إعلاء اسم الوطن ومصلحته العليا فاكهة لا نجدها كثيرا في البحرين، فعندما تمكن رجال هذا التجمع من حشد الناس في ساحة الفاتح اغرورقت عيوننا بالدموع.
أما خوفي فسببه أن يتلاشى هذا التجمع الجميل بعد أن يتحول إلى جمعية سياسية ويبدأ في التحرك بين المواطنين لأسباب انتخابية كغيره من الكتل السياسية الأخرى.
عندما خرجت الغالبية العظمى من أبناء البحرين عند جامع الفاتح، كان السبب في خروجها هو نداء الوطن والرغبة الأكيدة في حماية الوطن الواحد من عبث العابثين والطامحين سياسيا والمأجورين المرتبطين بأجندات خارجية.
الحاضرون هناك هتفوا للبحرين ولم يهتفوا لأيديولوجية أو مذهب أو طائفة، ولم يأتوا إلى هناك لأسباب انتخابية.
الذي كان يتحدث إلى هذا التجمع شخصية لا خلاف عليها، هي الدكتور عبداللطيف المحمود الرجل الذي يحب البحرين بعيدا عن أي مصلحة أو رياء.
الدعوة كانت خالصة ولذلك حضر الآلاف ودمعت العيون وانبحت الحناجر وسط مشاعر وطنية مختلطة ما بين الخوف والرجاء.
ولا نبالغ إذا قلنا ان أي جمعية سياسية بحرينية من الجمعيات الموجودة لا تستطيع أن تحشد الجماهير وتحركها على النحو الذي جرى في ساحة مسجد الفاتح، لأن الجمعيات السياسية الموجودة في البحرين لها أيديولوجيات تؤدي إلى الفرقة ولا تفتح أبوابها لكل أبناء الوطن على اختلاف مشاربهم، ولذلك عندما تنادي هذه الجمعيات لا يلبي لها النداء سوى أعضائها المنخرطين فيها.
وليس هذا فقط، فإلى جانب الأيديولوجية الإقصائية لمعظم الجمعيات (إن صح هذا التعبير)، فهناك البعض منها له مرجعيات خارجية لا تتحرك دون مباركتها ورضاها، وبالتالي فهي جمعيات غير وطنية لأنها لا ترفع مطلبا أو شعارا دون أن يوقع عليه مرجع خارجي لا يحمل الجنسية البحرينية ولا يعيش على أرض البحرين.
جمعية الوفاق حتى إن ضمت عددا كبيرا ونالت تأييد الكثيرين إلا أنها ليست محل إجماع من الشيعة أنفسهم لأن الكثير من الشيعة لا يحبذون منهج الوفاق وسياساتها، رغم أن كل أعضائها من الشيعة، وليس بها سني واحد.
جمعية المنبر الاسلامي (الإخوان المسلمين) وجمعية الأصالة (السلفيين) جمعيتان سنيتان، قد يختلفان إلى حد ما في المنهج ولكنهما لم يضما في كنفهما كل المواطنين السنة، وبطبيعة الحال لا يوجد بهما شيعي واحد.
نحن إذا أمام جمعيات سياسية طائفية تتواجه مع بعضها البعض وليس بينها أي جمعية تقوم على أساس وطني بحت.
هذا التجمع الجديد الذي سيتحول إلى جمعية سياسية هو المظلة الوحيدة تقريبا التي يمكن أن تضم كل أبناء البحرين الذي يرفعون اسم البحرين على ما سواه، ونحن لهذا السبب لا نرفضه، ولكننا نخشى عليه لأنه أمام تحد كبير وهو كيفية الاستمرار في حشد الجماهير حوله والمحافظة على هذا الزخم الوطني الذي ولد في ساحة الفاتح.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية