+A
A-

أ. فاطمة علي: قلق كورونا.. الإناث أغلب ضحاياه

أدى تصاعد وتيرة انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، وتسارع معدلات الإصابة به وما نتج عنها من حالات وفيات كسرت حاجز المليونين حول العالم، مع تزايد اهتمام الأفراد بالإحصاءات وتبادلهم المعلومات (سواء الصحيحة منها أو المغلوطة) عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي، إلى حدوث أزمات نفسية لدى عدد كبير من الناس، وأخذت تنتابهم نوبات من الخوف والهلع، تستدعي الدعم وتقديم العلاج النفسي؛ للتخلص من الأفكار المسيطرة عليهم والتي يقفون عندها مكتوفي الأيدي حائرين.

"الكورونوفوبيا" والتي تم تعريفها على أنها "استجابة خوف مفرطة من الإصابة بفيروس (كوفيد 19)، والتي تؤدي إلى قلق مفرط من الأعراض الفسيولوجية، وإجهاد فكري كبير حول الخسائر الشخصية والمهنية، وزيادة في السلوكيات التي تبعث على الطمأنينة والسلوكيات الساعية إلى السلامة، وتجنب الأماكن والمواقف العامة، ما يسبب ضعفًا ملحوظًا في أداء الحياة اليومية"، وهو من الأمراض النفسية المصاحبة لـ (كوفيد 19)، والتي أمست تهدد فئات كثيرة في المجتمع على اختلاف خلفياتهم الاجتماعية والعمرية حتى وضعهم الاقتصادي قبيل الجائحة.

ويعتبر التوتر استجابة صحية طبيعية عندما يواجه الفرد أزمة من الأزمات، وإن الاستجابة الفسيولوجية المصاحبة تساعده في تخطي هذه الأزمات إما عن طريق التصدي لها أو الهروب منها (fight or flight)، لكن السؤال الذي يجب طرحه هو كيفية التمييز بين الاستجابة الطبيعية والخوف المحتم (الكورونوفوبيا)؟.

إن أول وأبسط الخطوات هو التركيز على السلوكيات اليومية أثناء الجائحة واستخدامها كعلامة فارقة.

هل تستطيع القيام بأمورك اليومية الروتينية كالتسوق وشراء مستلزمات المنزل مثلًا؟ هل تستطيع القيام بمهام عملك؟ هل تتواصل مع أفراد عائلتك أو أصدقائك بسهولة؟ إذا كانت إجابتك بنعم لمعظم هذه التساؤلات ولكنك ما تزال تعاني من القلق من الفيروس، فاعلم أنك تقع ضمن نطاق التوتر الطبيعي.

أما إذا كنت لا تستطيع القيام بالأمور الروتينية في حياتك، وأصبح القلق والخوف الشديدان من الإصابة بالعدوى مهيمنين على حياتك وقراراتك وإنجازاتك، وفقدت القدرة على السيطرة على أفكارك، وبات خوفك من فقد أحبابك لهذا المرض فكرة مهيمنة تسبب لك ذعرًا وهلعًا شبه دائم، فهذه مؤشرات لـ "رهاب الكورونا"، الذي يحتم عليك الحصول على المساعدة في إدارة القلق والدعم النفسي والصحي.

ووجدت الدراسات أن الإناث أكثر عرضة للقلق المصاحب للجائحة، والفئات العمرية الأصغر سنًا، إذ يكون سبب القلق الخوف على مستقبلهم من الجائحة أكثر من القلق من الإصابة أو نقل العدوى، وقد يؤدي قضاء المزيد من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي، واستهلاك المزيد من وسائل الإعلام عمومًا إلى زيادة مستويات القلق بشأن الوباء.

 

كيف علينا التصرف أثناء هذه الجائحة للجم والسيطرة على القلق وتقليل فرص حدوث الرهاب المرضي؟

إعطاء صحتك العقلية والنفسية والبدنية المقدار نفسه من الأهمية والرعاية أثناء الجائحة هو أمر حيوي، كما يجب وضع حد صحي وعقلاني لمتابعة أخبار ومستجدات الفيروس عن طريق تقليل الأوقات التي تقضيها في متابعة الأخبار المقلقة وغير الموثوق بها، وأعداد المصابين والوفيات وغيرها على وسائل التواصل الاجتماعي، والابتعاد عن خوض النقاشات الحادة مع الآخرين والتفرغ إلى المواضيع الأكثر إيجابية.

هذا ولزم التأكيد أنه لو كنت تعاني من رهاب المرض أو "الكورونوفوبيا" أو حالات الهلع المصاحبة للقلق، فإنه من المهم طلب المساعدة من المختصين لتتمكن من السيطرة على الأعراض والتغلب على المرض باستخدام أساليب العلاج السلوكي المعرفي (cognitive behavioural therapy).