+A
A-

طب عام وجراحة د. جمال الزيرة

يلفت‭ ‬الطبيب‭ ‬جمال‭ ‬الزيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السيجارة‭ ‬والشيشة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬والآن‭ ‬تضاف‭ ‬إليها‭ ‬أجهزة‭ ‬‮«‬السحبة‮»‬‭ ‬الصغيرة‭ ‬التي‭ ‬بعضها‭ ‬لا‭ ‬يصدر‭ ‬حتى‭ ‬دخانا،‭ ‬كانت‭ ‬مدار‭ ‬نقاش‭: ‬هل‭ ‬هي‭ ‬تدخين‭ ‬أم‭ ‬لا؟‭ ‬والواقع‭ ‬أنها‭ ‬تدخين‭ ‬طالما‭ ‬تشتمل‭ ‬على‭ ‬التبغ،‭ ‬واليوم‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬حتى‭ ‬شركات‭ ‬الطيران‭ ‬التي‭ ‬تمنع‭ ‬التدخين‭ ‬على‭ ‬رحلاتها،‭ ‬منعت‭ ‬السيجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تصدر‭ ‬دخانًا،‭ ‬والصعوبة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للفئات‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للخطر‭ ‬كالأطفال‭ ‬والناشئة‭ ‬والشباب،‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬لا‭ ‬يشمون‭ ‬في‭ ‬ملابسهم‭ ‬أية‭ ‬رائحة‭! ‬فتلك‭ ‬الأجهزة‭ ‬لها‭ ‬هذه‭ ‬الميزة،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬نكرر‭ ‬ونشدد‭ ‬على‭ ‬خطورتها‭ ‬البالغة،‭ ‬بل‭ ‬الجسيمة،‭ ‬فعلاوة‭ ‬على‭ ‬مخاطرها‭ ‬الصحية‭ ‬المدمرة‭ ‬للصحة،‭ ‬فإنها‭ ‬تكسب‭ ‬الناشئة‭ ‬خصالا‭ ‬سيئة‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬التحايل‭ ‬على‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬والكذب‭ ‬والخداع‭ ‬وهذه‭ ‬أمراض‭ ‬نفسية‭ ‬ومجتمعية‭ ‬خطرة‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬تحت‭ ‬خطوطا‭.‬

إحدى‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬أجريت‭ ‬على‭ ‬المراهقين‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية،‭ ‬ممن‭ ‬يستعملون‭ ‬السيجارة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬80‭ % ‬يستعملون‭ ‬نكهات‭ ‬غير‭ ‬نكهة‭ ‬التبغ‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬النكهات‭ (‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬المانغو،‭ ‬أو‭ ‬النعناع،‭ ‬أو‭ ‬السكاكر‭) ‬وهي‭ ‬مواد‭ ‬كيميائية‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬شعبية‭ ‬السيجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬بين‭ ‬الشباب،‭ ‬وهذا‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬مراكز‭ ‬مكافحة‭ ‬الأمراض‭ ‬والوقاية‭ ‬منها،‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬83‭ % ‬من‭ ‬المراهقين‭ ‬الذين‭ ‬يستعملون‭ ‬السجائر‭ ‬الإلكترونية‭ ‬جربوا‭ ‬منتجات‭ ‬التبغ‭ ‬بالنكهات‭ ‬الجديدة،‭ ‬وقد‭ ‬بالنسبة‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬المستخدمة‭ ‬لصناعة‭ ‬بعض‭ ‬النكهات،‭ ‬مثل‭ ‬البوليغون‭ (‬النعناع‭)‬،‭ ‬وثاني‭ ‬الأسيتيل‭ (‬النكهات‭ ‬الدسمة‭) ‬أنها‭ ‬تتلف‭ ‬خلايا‭ ‬الرئة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬حصول‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬على‭ ‬اعتماد‭ ‬إدارة‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬الأميركية،‭ ‬فقد‭ ‬تكون‭ ‬تأثيراتها‭ ‬ضارة‭ ‬عند‭ ‬تسخينها‭ ‬واستنشاقها‭ ‬بصورة‭ ‬متكررة‭ ‬إلى‭ ‬داخل‭ ‬الرئتين،‭ ‬كما‭ ‬قد‭ ‬يسبب‭ ‬استعمال‭ ‬السيجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬تلفًا‭ ‬دائمًا‭ ‬في‭ ‬المجاري‭ ‬الهوائية‭ ‬الصغيرة‭ ‬في‭ ‬الرئة،‭ ‬ويعطل‭ ‬وظائفها‭ ‬المناعية‭.‬

تسألني‭ ‬عما‭ ‬يقلقني‭ ‬كوني‭ ‬طبيبا‭ ‬فأقول‭: ‬نعم‭.. ‬يقلقني‭ ‬ما‭ ‬أشاهده‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬غير‭ ‬طبيعي‭ ‬لهذه‭ ‬الأجهزة‭ ‬في‭ ‬أيدي‭ ‬أبنائنا‭.. ‬أصبحنا‭ ‬نشاهد‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر؛‭ ‬لأن‭ ‬نسبة‭ ‬المحال‭ ‬التجارية‭ ‬التي‭ ‬تبيعها‭ ‬ونسبة‭ ‬من‭ ‬نراهم‭ ‬بالعين‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الفئات‭ ‬وهم‭ ‬يستخدمونها‭ ‬كبيرة‭ ‬وواضحة‭ ‬للعيان‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية،‭ ‬ومن‭ ‬باب‭ ‬التفنن‭ ‬والإغراء‭ ‬تضاف‭ ‬إليها‭ ‬اليوم‭ ‬نكهات‭ ‬عديدة‭ ‬بعضها‭ ‬تحمل‭ ‬أسماء‭ ‬فاكهة‭ ‬وبعضها‭ ‬أسماء‭ ‬مكونات‭ ‬تحوي‭ ‬الرسومات‭ ‬والملصقات‭ ‬المغرية‭ ‬جدًا،‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نحذر‭ ‬ونحذر‭ ‬أبناءنا،‭ ‬فما‭ ‬نواجهه‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬مد‭ ‬إعلامي‭ ‬وإعلاني‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إيقافه‭ ‬قطعًا‭.. ‬نعم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إيقافه،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الوضع‭ ‬إهمال‭ ‬حياتنا‭ ‬الأسرة‭ ‬والحياة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬فيلزم‭ ‬مراقبة‭ ‬الأبناء‭ ‬ونصحهم‭ ‬والاقتراب‭ ‬منهم‭ ‬بحيث‭ ‬نسحب‭ ‬من‭ ‬حياتهم‭ ‬الدوافع‭ ‬كالفراغ‭ ‬أو‭ ‬رفاق‭ ‬السوء‭ ‬ونجعل‭ ‬أمامهم‭ ‬خيارات‭ ‬أفضل،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الناشئة‭ ‬والشباب،‭ ‬فالخيارات‭ ‬المكونة‭ ‬لشخصياتهم‭ ‬والمهيئة‭ ‬لإفراغ‭ ‬طاقاتهم‭ ‬في‭ ‬النافع‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬هي‭ ‬الجانب‭ ‬المانع،‭ ‬وكذلك‭ ‬القيم‭ ‬الدينية‭ ‬الفاضلة،‭ ‬هي‭ ‬أيضًا‭ ‬روادع‭ ‬تسمو‭ ‬بنفوسنا،‭ ‬وكلما‭ ‬بدأت‭ ‬من‭ ‬الصغر‭ ‬كلما‭ ‬كانت‭ ‬أكثر‭ ‬رسوخًا‭ ‬وعمقًا‭.‬