+A
A-

لا إحصائية رسمية للتوحديين.. وتجارب الدمج أثبتت نجاحها

قالت رئيسة لجنة التوعية والثقافة بجمعية التوحديين البحرينية المستشار الوراثي الدكتورة فاطمة مرهون "إن من أكبر العوائق التي تواجه فئة التوحديين في البحرين تتمثل في عدم وجود إحصائية رسمية بالعدد الإجمالي لهم".

وأشارت إلى أن الجميع يرحب بمطالب دعم التوحديين، إلا أنه لا وجود لهمة أومبادرة في تقديم الدعم الفعلي لهذه الفئة، مشيرة إلى أن دعم التوحديين لا يكون عبر عزلهم في مراكز خاصة، وإنما يكون عبر دمجهم في المجتمع، وإعانتهم ليكونوا مستقلين في إدارة شؤونهم.

 

ما رسالة جمعية التوحديين في اليوم العالمي للتوحد؟

ادعموا التوحديين، ولا تقصروا ذكركم للتوحديين على يوم واحد في السنة فقط، فكل فرد من موقعه مسؤول عن دعم هذه الفئة.

 

ما حجم هذه الفئة في المجتمع البحريني؟

من أكبر العوائق التي تواجه هذه الفئة تتمثل في عدم وجود إحصائية رسمية بالعدد الإجمالي للتوحديين في المملكة.

وهناك منظمة في البحرين تعنى بشؤون التوحديين تدعى (أمنيات)، قدّرت عبر دراساتها العلمية المثبتة مجموع التوحديين في البحرين بنحو 22 ألف شخص من مختلف الأعمار.

 

ألا تعد هذه النسبة مبالغ فيها؟

التوحد لا يقتصر على الأطفال فقط، فأول تشخيص للتوحد في البحرين بدأ في الطب النفسي العام 1993، في حين أن التقديرات شملت الأعمار كافة التي شخصت ولم تشخص.

 

كيف يمكن أن نميز التوحدي عن غيره؟

التوحد هو اضطراب نمائي عصبي يصيب الأطفال دون الخامسة ويظهر في فترات متفاوتة، ويشمل 3 محاور، وهي اللغة المنطوقة، التواصل والسلوك المختلف عن الطبيعة، وتمييز التوحدي عن غيره هو باجتماع هذه العوارض الثلاثة لديه.

فهو ليس بمرض، فالمرض له أسباب وعلاج، ولكن الاضطراب هو عبارة عن تغير في الحالة دون معرفة الأسباب، ولأن السبب غير معروف فلا علاج له.

وهو اضطراب غير ظاهر خارجيًا، فلا يمكنك بالنظر التمييز إن كان الشخص مصابًا به أم لا، ويميز عند التعامل وملاحظة الاختلاف في طريقة التواصل والسلوك فقط.

 

هل هناك تلازم بين كون الشخص توحديًا ويعاني في الوقت ذاته من مشاكل عضوية؟

ليس كل مصاب بالتوحد لديه مشاكل عضوية، البعض منهم سليم عضويًا.

عمومًا، عندما ترى شخصًا واحدًا من التوحديين فهو لا يمثل كل التوحديين، وحالته متميزة ومنفردة عن الآخرين الذين يشاركونه على نفس الطيف.

 

ما الرؤية التي تطرحها جمعية التوحديين البحرينية لتحقيق تطلعات التوحديين؟

نحن بحاجة إلى تكاتف مجتمعي ورسمي على جميع المستويات، ومن أبرز أشكال الدعم تتمثل في الدعم التشريعي عبر سن الداعمة للتوحديين، فعند الحديث عن شخص توحدي، فأنت تتحدث عن أسرة بأكملها معنية برعايته والتكيف مع حالته، وتلبية احتياجاته كافة.

إضافة إلى السعي لتمكين جميع الأشخاص المصابين بالتوحد في البحرين للحصول على حق التدخل المبكر والتأهيل وإكمال المراحل التعليمية الأساسية والجامعية.

 

هل هناك من يعارض دعم التوحديين؟

لا وجود لمعارضة، لكن لا حضور لهمة ومبادرة وأشخاص يسمعون ويفعلون، هناك تجاهل وإشاحة بالوجه عن حاجات التوحد؛ لوجود تخوف من المطالبة باحتياجات التوحديين من دمجهم، وما يترتب عليه من تكاليف.

نحن لسنا مع مبدأ تخصيص مركز منعزل للتوحديين، نحن نطالب بدمجهم في المجتمع.

 

ألا يعد طلب تخصيص مبنى دمج في كل مدرسة مطلبًا مبالغًا فيه ويتطلب تكاليف مرتفعة؟

تكلفة التراخي وعدم تمكين هذه الفئة من التعليم والتأهيل أكثر كلفة على المدى البعيد من تكلفة احتوائهم.

فالاحتواء والدمج يضمنان جعلهم أفراد مجتمع منتجين عوضًا عن الاتكالية والبطالة وعدم الاستقلالية.

 

ما احتمال نجاح فكرة الدمج؟

هناك تجارب ناجحة جدًا حول العالم، ففي أستراليا مثلا 35 % ممن تم تأهيلهم من التوحديين من المراحل الثانوية والجامعية هم يعملون حاليًا ضمن مؤسسات عليا، وبعضهم يدير مؤسسات، كما أن نسبة البطالة لدى التوحديين لديهم لا تتجاوز 20 %، فيما لا وجود لتوحدي يعمل في البحرين.

لعل ما يجهله البعض هو القدرات المذهلة التي لديهم في العمل من ناحية الالتزام والدقة، وذلك يشكل خسارة للجهات التي تحتاج لمثل هذه الكفاءات والمميزات.

 

ألا يعد وجود شخص توحدي يدير مشروعات ويؤلف كتبًا أمرًا مثيرًا للاستغراب؟

في الذهنية العامة، هنالك خلط بين مسألة الإدراك ومسألة القدرات الذهنية.

التوحد اضطراب لا يمس الإدراك، فهو يمس السلوك واللغة والتواصل، هناك تحديات في هذه المحاور، إلا أنها لا تصل لحد الإعاقة وعدم الاندماج في المجتمع، وعدم العثور على عمل وعدم إتمام دراسة.

وإذا اقترنت الإعاقة الذهنية بالتوحد فذاك شأن آخر، فأنا أتحدث عن التوحد النقي غير المقترن بالمشاكل في الإدراك.

 

هل تعتقدين أن مصطلح التوحديين يناسب الحالة الفعلية لأبناء هذا الطيف؟

التوحد لقب لا يطابق واقعه، فالتوحدي لديه قدرات خارقة وذاكرة مذهلة من حيث الذاكرة والقدرات الحسابية، المشكلة عند الناس تتمثل في خلطهم بين صعوبات التعلم والتوحديين والإعاقة الذهنية.

 

ماذا عن المشاكل السلوكية ومدى خطورتها؟

70 % من التوحديين في البحرين لديهم مشاكل سلوكية، وأحيانًا تكون هذه المشاكل عائقًا أمام اندماجهم في المدارس أو في الأماكن العامة.

في المقابل، ميزة التوحدي أنه حتى لو كانت لديه اضطرابات سلوكية فإنه لن يؤذي الآخرين بل سيؤذي نفسه، وذلك بفعل ما يعانيه من ضعف الإحساس لديه.

 

ألا يحمّل ذلك المؤسسات المعنية بالدمج المسؤولية في حال آذى توحدي نفسه؟

نحن لا نقول بفتح أبواب الدمج دون مقدمات، بل ندعو لوضع خطة وبرنامج وطني شامل للدمج يتطلب ابتعاث خريجي الثانوية العامة لدراسة تخصص التوحد والتخصصات المساندة له، ولدينا من اختصاصيي النطق واللغة البحرينيين ممن لا يتجاوز عددهم 45 اختصاصيًا، وهو عدد قليل جدا، كما لا يتجاوز عدد اختصاصيي تحليل السلوك البحرينيين 3 أشخاص فقط، من بين 12 اختصاصي في البحرين.