+A
A-

د. ريسان البدران: زواج الأقارب أبرز مسببات أمراض القلب في البحرين

أكد المدير التنفيذي لمركز الشيخ محمد بن خليفة بن سلمان آل خليفة التخصصي للقلب الدكتور ريسان حمود البدران أن نجاح أي مركز طبي مرهون بمستوى تأهيل القوة العاملة فيه، وعملهم بروح الفريق الواحد والحرص على المعاملة الحسنة للمريض.

وذكر في حوار خاص مع "صحتنا" أن المعدات والتجهيزات التي يحتويها المركز خلاصة أحدث وأجود التكنولوجيا الموجودة بأحدث المراكز العالمية.

ولفت إلى أن الزيادة في الطاقة الاستيعابية للمركز الجديد رافقها تأهيل وتدريب عالٍ في المستوى للقوة العاملة، بحيث يضمن تقديم الرعاية المطلوبة للمرضى بأفضل المعايير.

وعبر البدران عن مشاعره الصادقة تجاه أهل البحرين قائلًا "أهل البحرين أناس طيبون، ويستحقون الخدمة، وهو ما يدفعني لتقديم كل ما باستطاعتي من أجلهم، وأتمنى لو أستطيع تقديم ما هو أكثر من ذلك، لأنهم يستاهلون".

 

وفيما يلي نص الحوار:

 

صف لنا شعورك لحظة افتتاح مركز الشيخ محمد بن خليفة التخصصي للقلب؟

"وأخيرًا الحمدلله"؛ لأن المركز أصبح مكتملًا في بنائه ومجهزًا بأحدث الأدوات، كما أن الاستعدادات متوافرة للانتقال للمركز الجديد فور استكمال بعض الإعدادات التقنية في الفترة القليلة المقبلة.

 

ما الذي يمثله لك المركز؟

المركز هو ذكرى طيبة للمغفور له بإذن الله تعالى سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، الذي أطلق فكرة إنشاء مركز متخصص للقلب، لنكون رحمة على الناس، خصوصا الذين لا يملكون القدرة على تحمل تكاليف العلاج.

وحينها كان ثلث مرضانا من غير البحرينيين، الذين يعملون في قطاع الإنشاءات والطرق وغيرها من القطاعات من ذوي الدخل المحدود جدًا، ويقدمون بذلك خدمات جليلة للبحرين تستحق أن نقابلها بتوفير خدمات الرعاية الصحية لهم بأفضل ما يكون دون مقابل.

نحن مستمرون على هذا المنوال، وسنستمر – بإذن الله – على هذا المنوال في المركز الجديد.

 

كيف انطلقت فكرة إنشاء المركز الجديد؟

كان المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة (طيب الله ثراه) يتابع عن كثب عمل المركز، ووجد في العام 2005 أن المركز الموجود لن يفي باحتياجات الأجيال القادمة، إذ كان يشعر بقدوم وقت ما لن يكون فيه المركز قادرًا على استيعاب الزيادة السكانية، فاستبق الحدث.

وعندها انطلقت فكرة إنشاء مستشفى جديد قادر على استيعاب الزيادة السكانية في البحرين لأكثر من 30 سنة مقبلة.

وعليه أصدر ملك البلاد المفدى حفظه الله ورعاه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، أوامره بتخصيص قطعة أرض بمنطقة عوالي لإنشاء المركز.

ونثمن كذلك الدور المهم والرئيس لولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة في بناء هذا المركز، إذ قام بتوفير الحلول التمويلية لإنشاء المركز عن طريق صندوق أبوظبي للتنمية ضمن برنامج الدعم الخليجي لدعم المشاريع في البحرين.

 

إلى أي مدى يمكن للمركز الجديد استيعاب متوسط الحالات الراهنة؟

تصل الطاقة الاستيعابية للمركز الجديد إلى 148 سريرًا، مع إمكانية التوسع فيه.

والقسم الذي سيتم افتتاحه مع بدء العمل فيه يضم عدد 102، ما يعني قفزة بعدد 30 سريرًا عن الموجود بالمركز الآن.

وهذه الزيادة ليست سهلة أو قليلة؛ لأن إضافة سرير واحد يتطلب توفير قوة عاملة مؤهلة لتقديم أوجه الرعاية الصحية كافة للمريض على أكمل وجه وبأعلى مستوى.

وبالنظر إلى متوسط الحالات التي تتردد على المركز الآن، فإن الزيادة في الطاقة الاستيعابية التي حققها المركز الجديد ستكون كافية لاستيعاب الزيادة السكانية على مدى 30 سنة من الآن.

 

لماذا يعد المركز إضافة نوعية للمنظومة الصحية؟

هذا المركز مجهز بأحدث التكنولوجيا الموجودة في العالم، إذ قمنا بإرسال وفود لأفضل المراكز التخصصية في الخارج ضمن دراسة ميدانية للاطلاع على تجهيزاتها؛ لضمان اختيار أفضل الأجهزة من حيث الجودة وسهولة الصيانة وسرعتها، حتى تتم عمليات الإصلاح في 24 إلى 48 ساعة كأقصى تقدير.

إضافة إلى ذلك، قمنا بزيادة عدد مختبرات القسطرة إلى 5 مختبرات، حتى تكون هناك غرف احتياطية في حال تطلب صيانة أحد المختبرات، وبالتالي فإن هذا المركز يطبق معايير الاستدامة.

وبعض المرضى يحبون الجلوس لوحدهم في غرفة خاصة، والبعض الآخر يفضلون الغرفة المشتركة، ولذلك وفرنا الخيارين للمرضى.

 

 

القوة العاملة الرهان الرابح لنجاح أي مشروع طبي

 

كيف يمكن الاستفادة من قصة نجاح المركز وتطبيقها على مراكز أخرى؟

قوة المركز ليست في حجم الغرف أو التجهيزات، وإنما القوة الحقيقية تتمثل في فريق العمل المؤهل والمتجانس، من مستشارين وممرضين وأطباء.

وجميع المستشارين في المركز تم ابتعاثهم للخارج وبالتحديد إلى أميركا وبريطانيا وكندا، ولا تقل فترة دراسة كل شخص منهم عن 5 سنوات، وبالتالي فإن جميع الاستشاريين يحملون مؤهلات لا تقل عن تلك التي يحملها الاستشاريون في تلك البلدان.

الأمر الأهم، نحن نعمل بروح الفريق الواحد، لدرجة أن المستشار يجب أن لا يتحرج من استشارة طبيب مبتدئ.

إضافة إلى ذلك، الحرص على المعاملة الحسنة للمريض، إذ إن "معاملة المريض الحسنة أهم من أي دواء".

 

أثناء فترة إقامتك في مملكة البحرين، كيف تصف علاقتك بأهلها؟

أنا في البحرين منذ ما يقارب 42 سنة، ومن دون مجاملة "أهل البحرين أناس طيبون، ويستحقون الخدمة، وهو ما يدفعني لتقديم كل ما باستطاعتي من أجلهم، وأتمنى لو أستطيع تقديم ما هو أكثر من ذلك، لأنهم يستاهلون".

 

 

الطب مهنة تتطلب العمل 8 أيام في الأسبوع

 

مهنة الطب تتطلب تقديم التضحيات، فكيف توفق بين عملك وما تضطلع به من مسؤوليات خطيرة وبين حياتك الاجتماعية؟

أهلي يعرفون أن الطبيب ليس له نظام عمل بساعات محددة، فالطبيب يجب أن يعمل دون أن ينظر للساعة، كما أن مهنة الطب مهنة إنسانية لا تتبع دينًا أو بلدًا أو عرقًا معينًا فهي مهنة لكل الإنسانية، وبالتالي نحن لا نعتبر أن ذلك تضحية، وإنما هو واجب ومسؤولية إنسانية.

وبالمناسبة، اعتدت على سؤال من يتقدم لمهنة طبيب حول ما إذا كان قادرًا على أن يعمل 8 أيام بالأسبوع!

ولم يكن يستوعب الشخص ما أعني، فأوضح له أن مقصودي هو أن يعمل دون أن ينظر إلى الساعة.

عمومًا، إن عائلتي متفهمة لوضعي، بل وتدفعني لأداء هذه الخدمة الإنسانية النبيلة.

 

بالحديث عن تجربتكم الطبية في البحرين، ما أكثر السلوكيات الخاطئة التي تصادفكم مع المرضى، وتجدون أنها بحاجة إلى التصحيح؟

أكثر ما يواجهنا من مشاكل هو أن المريض لا يأخذ أدويته بشكل صحيح، إضافة إلى عدم ثقته بطبيبه، فيظل يتنقل من طبيب إلى آخر، وكأنه ينتقل من حانوت إلى حانوت آخر.

وأقول لهؤلاء، ضع ثقتك في طبيبك؛ لأن ذلك يدفع الطبيب إلى بذل أقصى ما لديه لعلاجك، وأما التجول بين الأطباء فهو خطأ كبير، لاسيما إذا ما تعارضت بعض الأدوية الموصوفة له مع بعضها، وهذه الظاهرة عمومًا يختص بها أهل الشرق.

 

متى يمكن التنبؤ باحتمال إصابة أحدهم بأمراض القلب، وكم يبلغ معدل احتمال الإصابة بها في البحرين؟

أمراض القلب عادة تبدأ من الولادة، وفي البحرين ترتفع النسبة عن المعدل العالمي، فإذا كانت النسبة العالمية 6 من كل 1000 مولود حي يعاني من أمراض القلب، فإن النسبة في البحرين تكون بحدود 16 من كل 1000 مولود حي.

 

 

زواج الأقارب أبرز مسببات أمراض القلب في البحرين

 

ما أسباب ذلك الارتفاع؟

أبرز الأسباب تتمثل في الولادة الناتجة عن زواج الأقارب، يليها الإنجاب المتأخر، لاسيما إذا ترافق ذلك مع وجود أمراض سكر، إذ تبلغ نسبة المصابين بالسكر في البحرين حوالي 28 %، وهي نسبة عالية.

ومن بعدها تأتي الأسباب الأخرى المتعلقة بأمراض الكوليسترول، التي تبدأ بالظهور عادة عند سن الأربعين وما فوق.

ووجود التطعيمات والتعليم في المجتمع ساهم في الحد من العديد من الأسباب المؤدية إلى أمراض القلب، التي كانت هي الأبرز.

وعندما يتقدم الشخص في العمر تبرز لديه بعض الأمراض كالسكر، أو ارتفاع ضغط الدم، أو السمنة، أو تراكم الضغوط الحياتية المختلفة، إضافة إلى عامل التدخين، إذ تؤدي تلك الحالات مجتمعة إلى زيادة مشاكل القلب.

إضافة إلى ذلك، فإن للعوامل النفسية دور في إحداث مشاكل القلب، إلا أن الكثيرين لا يتقبلون هذه الفكرة، لاسيما وأن الأسباب النفسي عصية على القياس لكونها أمور مجردة وغير ملموسة.

 

كيف تقيم مستوى تقدم علاج أمراض القلب في البحرين؟

يمكن أن أوضح ذلك بالقول "إن العديد من الوفود الأجنبية من أميركا وأستراليا وإنجلترا يزورون المركز بشكل سنوي، ويعقدون جلسات التباحث العلمي لأكثر من 12 ساعة يوميًا على مدى أسبوع كامل، ويتم في هذه الجلسات استعراض كل ما هو جديد في هذا المجال".

وهذه الوفود تختار البحرين ودون أن تدفع المملكة مقابلًا ماديًا لحضورهم ومساهماتهم العلمية، وذلك لإدراكهم أن المعايير المتبعة في البحرين أعلى من الدول الأخرى.

 

كلمة لمن يرغب بدخول تخصص القلب؟

تخصص القلب اهتمام في الأول والأخير، ويجب ألا تعتني بالوقت، وأن تعمل بروح الفريق الواحد، وينبغي أن تتواضع، ومن دون ذلك لا يمكن أن تنجز.

وينبغي ألا تمرر المسؤولية للشخص الأصغر والأقل مسؤولية منك أبدًا، ويجب أن تكون هناك من أجل مريضك.

 

ما نصيحتك من أجل صحة القلب للجميع؟

عادة بين عمر 15 سنة و45 سنة لا وجود لمشاكل في القلب.

وأمراض القلب تأتي بداية نتيجة وجود مشاكل خلقية، وأما عوامل الحمى الروماتيزمية ومرض الزهري فقد تم تجنبها بفعل توفير التطعيمات.

وعليه يتبقى من هم في سن ما فوق 45، إذ تنشأ مشاكل الشرايين والصمامات.

والوقاية من هذه المشاكل هو الحد من أسبابها والمتمثلة في: خفض مستوى السكر لمن يعاني من السكر، وقف التدخين للمدخنين، خفض الضغط تحت إشراف طبي، خفض السمنة، الحركة اليومية على الأقل نصف ساعة مشي، إضافة إلى خفض الضغوطات العامة.

وأما من هم فوق 70 سنة فإن 5 % منهم قد يعانون من اضطرابات في دقات القلب، كما تزيد لديهم مشكلة الصمامات، واليوم – بفضل من الله – علاج هاتين المشكلتين أصبح سهلًا وممكنًا.

إذ لدينا متخصصين تم ابتعاثهم لمدد تتراوح بين 6 و8 سنوات للتمرس على تصحيح دقات القلب، ويحتوي المركز على أحدث الأجهزة لإنجاز هذا العمل، وهذا أمر مهم جدًا، لأنه ليس باستطاعة أي أحد القيام بهذا العمل الدقيق.

وأما علاج الصمامات فأصبح سهلًا بشكل كبير ودون تدخل جراحي، عبر تمرير أنبوب في الشريان لوضع الصمام، إذ يمكن للمريض مغادرة المستشفى في غضون 4 أيام فقط، كما يتم علاج الصمام الآخر عن طريق عمل ثقوب فقط.