تجنّبوا المشاجرات الزوجية أمام أطفالكم
نجد في كل بيت بعض الخلافات الزوجية أو المشكلات بين الزوجين سواء لأمور خاصة بينهما أو أمور تخص البيت والمصروفات وتربية الأبناء والعلاقات مع العائلات والعديد من الأسباب الأخرى التي نعتبرها ضمن الحد الطبيعي في الحياة الزوجية. إلا أن بعض المشكلات أو المشاحنات بين الزوجين أمام أطفالهما قد تسبب لهم العديد من الأمراض النفسية خصوصًا المشكلات والمناقشات مرتفعة الصوت أمام الأطفال.
صحيح أنه لا مفر من الخلافات الزوجية في كل عائلة، ولكنها في بعض الأحيان تحصل أمام الطفل وتتصاحب مع توترات ومشاحنات بين الوالدين قد تتطور إلى ساعات أو أيام أو أسابيع من الجو المشحون بالطاقة السلبية في المنزل، ما يؤثر سلبًا على الطفل ويسبب له العديد من المتاعب أبرزها بعض المشكلات النفسية التي لا تفارقه طوال حياته. لذا على الأهل الابتعاد عن الخلافات أمام الأطفال؛ إذ إن هؤلاء جيل المستقبل وصحتهم النفسية أمر مهم، فهذه الخلافات تتسبب بأضرار ولها آثار كبيرة على الأطفال بطريقة أو بأخرى. هنا أبرز الآثار النفسية التي تتركها الخلافات الزوجية على الطفل:
• انعدام الشعور بالأمان العاطفي
يظن الأهل أن الطفل لا يصاب بالقلق أو التوتر أو الضغط النفسي، بينما الحقيقة هي عكس ذلك. إذ إن طبيعة الطفل حساسة، فعندما ينشأ في بيئة تطغى عليها الخلافات والمشكلات بين الوالدين فإنه من الطبيعي أن يتأثر سلبًا بهذا الواقع. فقد تكثر الأسئلة في ذهن الطفل من دون أن يحصل على أي إجابات عليها، فيصاب بالقلق الدائم الناتج عن الاضطراب العاطفي في وقت يحتاج إلى الأمان والعاطفة من والديه ليطمئن أنه محبوب من قبلهما وأنهما لن يتركاه أبدًا. فالنزاعات المستمرة بين الوالدين تحد من شعور الطفل بالأمان والأمن والاستقرار العاطفي الذي اعتاد عليه نتيجة استقرار الأسرة. كثرة المشكلات في البيت وعدم الاستقرار يجعل الطفل يفقد حقه تدريجيًا في أن ينعم بكل أمن ومحبة داخل أسرة خالية من المشكلات.
• تدهور العلاقات بين الوالدين والأطفال
مع استمرارية النقاشات والمشاجرات بين الوالدين أمام أطفالهما يشعر الأطفال بأن العلاقة مع والديهم تتدهور تدريجيًا، وهي لم تعد كالسابق، وأنها مجرد علاقة مشحونة بالقلق والتوتر. هذا يظهر خصوصا عندما يقف الطفل حائرًا بين أن يكون في صف والده أو والدته، أو عندما يحاول إيقاف الشجار الذي غالبًا ينتهي بالصراخ عليه وضربه وتخويفه وتهديده. هذا يجعل الطفل يفقد دفء العائلة والأمان والرغبة بنمو علاقة جيدة مع والديه؛ لأنها لم تكن صحيحة منذ أن بدأت المشاجرات أمامه.
• الضرر الصحي والنفسي على الطفل
غالبًا ما يعتقد الوالدان أنه وبمجرد أن المشاجرات لم تكن مباشرة للطفل فإنها لن تتسبب له بأي ضرر، إلا أنه على العكس من ذلك تمامًا، فالطفل عندما يسمع الصراخ لا يهتم بما إذا كان موجها له أم لا بقدر ما يهتم بإيقافه؛ لأنه خائف منه. كلما ازدادت المشاجرات بين الوالدين أمام الأطفال فإن شعور الأطفال بالخوف والقلق سوف يزداد، ما يؤدي إلى حالات نفسية واكتئاب وأمراض عصبية تتعارض كليًا مع نمو الطفل بالطريقة الصحية اللازمة، فتؤثر بالتالي على التطور الصحي الطبيعي للطفل.
• تأخر الأداء المدرسي
إن التوتر الذي يصاب به الطفل نتيجة المشكلات بين والديه في المنزل لا شك أنه ينعكس سلبًا على أدائه في المدرسة ويمنعه من التركيز، فيشتت انتباهه نتيجة تفكيره في تبعيات المشكلات الموجودة في المنزل. وتنخفض قدرة الطفل على الاستجابة للدروس التي تعطى في المدرسة وبالتالي تتأثر علاماته سلبًا كما ترتفع مستويات المشكلات التأديبية، إضافة إلى حدوث مشكلات في الإدراك، بما في ذلك تباطؤ الوظائف الإدراكية وانخفاض مهارات حل المشكلات لدى الطفل.
• المشكلات الاجتماعية بين الطفل وغيره
نتيجة تعرض الطفل لمعاينة المشكلات اليومية بين والديه، فإن رغبته بأن يكون عدوانيًا تزداد. كما أنه يحاول تفريغ طاقات غضبه من تصرفات والديه عن طريق التهجم على الآخرين سواء على إخوته في البيت أو على أصدقائه في المدرسة أو مع العائلة؛ وذلك لصعوبة تعامله بطريقة لطيفة، فهو يشعر بأنه يريد أن يسيطر على الغضب الذي بداخله عن طريق المشكلات التي يتسبب بها لغيره، فهو عاجز عن أن يثق بأي شخص لأنه فقد الثقة من مصدرها الرئيس بالنسبة له.
• اضطرابات صحية
بينت بعض الدراسات أن أحد أسباب السمنة المفرطة عند الأطفال هو المشكلات بين الوالدين، إذ يلجأ الطفل لتناول الطعام وحده ويأكل أي شيء يراه أمامه سواء كان صحيًا أو غير صحي، سواء لأنه جائع أو لأن والديه مشغولان بمشكلاتهما وليس هناك من يهتم لتحضير الطعام له. في نفس الوقت عندما يأكل الطفل بشراهة كل ما يراه أمامه، فإنه قد يحدث العكس تمامًا، فقد يفقد شهيته في الأكل وقد يعاني من أمراض جسدية.