+A
A-

هدية الفلاح الطيب لأبنائه

بقلم  محمد باقر زين الدين

كان الفلاح الطيب ينثر بذور البطيخ في الحقل ويرويه بالماء يوميًا بمساعدة أبنائه.. كان يشاهد النبتة تنمو كل يوم ويقول لأبنائه: «يا أولادي في يوم ما سيصبح هذا الحقل مليئًا بالبطيخ اللذيذ وسنقطفه ونبيعه في السوق ونحصل على الكثير من المال».. ويفرح الأبناء عندما يسمعون هذا الكلام وكانوا يعملون بنشاط أكثر وأكثر.

 

الفلاح مع أبنائه يذهبون إلى الحقل مع شروق الشمس.. فيحرثون الأرض ويضعون السماد ويسقون الزرع، والنبات يخضر ويخضر ويكبر.. وبعد شهور عدة، يشاهدون الثمار الصغيرة تظهر على الأغصان فيحمدون الله سبحانه وتعالى بسرور وفرح وينتظرون أن تكبر الثمار..

 

مضت أشهر عدة وجاء وقت الحصاد، فبدأوا بالجهة اليمنى من الحقل وقطفوا الكثير من ثمار البطيخ وأخذوها للسوق وباعوها وربحوا ربحًا طيبًا واشتروا بثمنه الطعام من أرز وزيت وخبز ولحم وسمك كما اشتروا لهم الملابس الجديدة وأشياء جميلة، وقال الفلاح: «يا أولادي هذه نعمة من رب العالمين لابد أن نحمد الله عليها وإن شاء الله في الأيام القادمة سنجني الكثير من البطيخ ونبيعه»، فقالوا بصوت واحد «الحمد الله».

مرت الأيام والفلاح مع أبنائه يقطفون البطيخ ويبيعونه في السوق ويشترون احتياجاتهم المعيشية كما يدخر الأب بعض المال، وكان الأولاد يقولون لوالدهم: «بابا.. نريد أن تشتري لنا دراجات هوائية فنحن نتمنى أن تكون لكل واحد منا دراجة منذ مدة»، فقال الأب: « حاضر يا أولادي.. عندما نبيع أكثر ونجمع مالًا أكثر سأشتري لكل واحد منكم الدراجة التي يحبها»..

 

فرح الأولاد كثيرًا ولكن عندما جاء موعد العودة إلى المدرسة قالوا لوالدهم: «سنعود إلى المدرسة يا أبي فمن يساعدك في الحقل؟»، فقال: «يا أولادي لا تنسوا أن معي اثنين من العمال سيبدأون العمل غدًا وأنتم تستطيعون الحضور بعد المدرسة وبعد أن تنهون واجباتكم المدرسية».. وافق الأولاد وأصبحوا يذهبون إلى المدرسة ويعودون للعمل في الحقل بعد إنهاء واجباتهم المدرسية.

 

وفي يوم من الأيام، عندما عاد الأولاد من المدرسة وجدوا دراجات هوائية جميلة لكل واحد منهم فكانت فرحتهم كبيرة جدًا، واستقبلتهم والدتهم وهي سعيدة أيضًا وراحوا يركبون الدراجات في فرح كبير ويلعبون بها خارج المنزل، وفي هذه الأثناء عاد الأب من الحقل فذهبوا إليه وشكروه وقبلوا رأسه فقال لهم الأب: «الحمد لله هذا موسم طيب وأنتم تستحقون هذه الهدية البسيطة؛ لأنكم عملتم وبذلتهم جهدكم في الحقل معي وهذا كله خير من الله سبحانه وتعالى، ولكن عليكم أن تدرسوا وتنجحوا وفي كل مرة تتفوقون سأحضر لكل واحد منكم هدية جميلة».

 

كانت فرحة الأبناء كبيرة ولهذا كانوا يدرسون ويجتهدون ويعملون مع والدهم في الحقل، وسعادتهم كبيرة لأن الله عز وجل يوفق من يجتهد وكما يقول المثل «من جد وجد.. ومن زرع حصد.. ومن سار على الدرب وصل».