بقلم جود عمار جواد

أنتظر شهر رمضان الفضيل بفارغ الصبر، فقبله بشهر شاهدت العديد من الإعلانات للعديد من المسلسلات التي ستعرض على شاشات التلفزيون.

قمت بتسجيل قائمة من هذه المسلسلات في هاتفي ووضعت خطة بما سأقوم بمشاهدته أولًا، خصوصًا أن قائمة المسلات تبدأ من الصباح حتى المساء.

أعلن عن دخول شهر رمضان، وبدأت في مشاهدة أكثر من عشرة مسلسلات خلال اليوم الواحد. فلقد أخذني الحماس لمشاهدة المسلسلات الفضائية، حتى أني بدأت أسهر ليلًا وأنا أشاهدها وأستيقظ متأخرة عن دروسي.

بدأت أقضي يومي أمام هذه الشاشات أتنقل فيها من محطة إلى أخرى ومن مسلسل إلى آخر.

أغلقت باب غرفتي عن عائلتي وبقيت أنا وشاشة التلفاز وهاتفي، فعندما ينتهي مسلسل أشاهد الآخر أو أقوم باللعب في هاتفي. كان وقتي مشغولًا بين هذه البرامج حتى بدأت أمي ملاحظة انشغالي فيما لا ينفع كما تقول.

في أحد الأيام وبينما أنا غارقة في المسلسلات الرمضانية دخلت أمي غرفتي، وجلست على سريري وحدقت بي طويلًا ثم قالت:

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).

ثم قالت: يا ابنتي، إن شهر رمضان هو الشهر الذي تغلق فيه أبواب النار وتفتح أبواب الجنة، فهو الشهر الذي تغفر فيه الذنوب، علينا يا ابنتي أن نتقرب إلى الله في هذا الشهر الفضيل بالصلاة والدعاء وقراءة القرآن والتدبر في آياته. إن هذا الشهر هو شهر صلة الأرحام والاجتماع مع من نحب، فصلة الرحم تفتح لنا أبواب الخير والرزق».

كلام والدتي أيقظني من الغفلة التي كنت فيها، فكم انغمرت في مشاهدة هذه المسلسلات حتى أهملت صلاتي ودروس القرآن. قامت والدتي بوضع برنامج يومي لأتوجه فيه للعبادة، فخصصت وقتًا لقراءة القرآن وإلى الصلاة والدعاء. كما خصصنا وقتا لزيارة الأهل خلال الشهر الكريم.

ولم يكن يومي خاليًا من البرامج التي أحبها، فقد خصصت عددًا بسيطًا من المسلسلات التي أشاهدها على ألا يتجاوز وقتها ساعتين، وذلك حتى لا أنشغل بهذه المسلسلات عن باقي العبادات.

طبقت البرنامج اليومي الذي وضعته مع أمي، شعرت بالسعادة، فما أجمل هذا الشعور! فها أنا أمارس عبادتي كلها في شهر رمضان لأنال الأجر، وها أنا أشاهد مسلسلًا أو اثنين من جانب الترفيه ولكن برفقة عائلتي، وفي أحيان أخرى لا أشاهد شيئا خلال اليوم، فالعبادات في هذا الشهر الفضيل لها أثر كبير، فرمضان فرصة للتقرب من الله سبحانه وتعالى ولطلب المغفرة والتوبة. وأنا أرغب في أن أكون ممن ينالهم الأجر خلال هذا الشهر.