العدد 5666
الجمعة 19 أبريل 2024
banner
المعركة محسومة للمسرح مهما تكاثر عليه الأعداء
الجمعة 19 أبريل 2024

المسرح يريد مجتمعا لا جمهورا.. سمعت هذه الجملة من أحد النقاد العرب في مهرجان المسرح العربي في الرباط قبل نحو عامين، وبعيدا عن كل الأغلفة العاطفية أو الأخلاقية يمكننا القول إن الكثير من الناس في مجتمعنا بعيدون عن المسرح، وهو بالنسبة لهم كالمشهد أو المنظر الذي لا وجود له، بل وبعضهم يقول لك بطريقة مباشرة وصريحة لقد انتهى زمن المسرح ولن يستطيع إنقاذ نفسه من الفضائيات والسينما!
المسرح يضم كل ما تتضمنه الحياة، بما تحمله من فوضى واضطراب وقيم ومثل وخير وشر، والمسرح يحقق للإنسان جاذبية عظيمة على مستويين، المستوى الجمالي، والمستوى الذهني. في المسرح تكون الصورة أقرب إلى الشمول حيث تصبح المجموعة كلا واحدا متجانسا لا كلين منفصلين بمجرد أن يبدأ العرض، وتذوب الجزر “الجزر الإنسانية” إحداها في الأخرى حتى تصبح جسما واحدا من المشاعر وردود الأفعال، وتتوقف درجة هذا الذوبان والتجانس الوقتي على مدى جودة العرض المسرحي الذي تشاهده المجموعة ومدى قدرته على استثارة رد فعل فني موحد، ويتوقف هذا بدوره على مدى نجاح المؤلف والمخرج والسينوغرافيا في الوصول إلى ترجمة صادقة لجزئيات العمل الفني إلى رموز مشتركة يستجيب لها هذا الجمهور في حالة معينة، وفي وقت معين وظروف عامة معينة على درجة عالية من التحديد.
المسرح محاولة أزلية مستمرة من جانب الإنسان أن ينفي ذلك الإحساس الحزين بالوحدة والانعزال. المسرح سلاح قوي يحمي حقوق الإنسان كما أنه أداة عظيمة للتعليم، وهذا هو سر خلوده منذ عدة قرون لغاية يومنا هذا، منذ أساطير الشعوب البدائية إلى الحضارات المتعاقبة التي مرت على البشرية، ولن يستطيع أي لون من الفنون أن يسرق ذخيرته ويجره إلى قتال مرير، لأن المعركة محسومة للمسرح مهما تكاثر عليه الأعداء.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية