العدد 5644
الخميس 28 مارس 2024
banner
الإنسان يعشق الضربات المتلاحقة الحاسمة
الخميس 28 مارس 2024

الحياة اليومية التي نحياها بما فيها من لفتات ولمحات وانتباهات ولحظات هي التي تساعدنا على استقبال الظواهر الفنية، وعلى توليد عملية التأثير في نفوسنا، فالملاحظات اليومية للإنسان في حياته العادية والمشاجرات والمشاحنات والمناقشات تصل وتحفر بطريقة لا شعورية في النفس البشرية، وتؤثر فيها دون وعي منها، والجهاز العصبي للإنسان ساهر متيقظ في كل هذه الحالات يضع نقاطا مهمة على كل ما يقابله في يومه العادي، لذلك فإن أعضاء الإنسان إذا انفعلت وتحركت بعد ذلك كنشاط الدورة الدموية إثر حادث في مشهد أو سيل اللعاب إثر نظرة معينة أو تخلخل المفاصل فور لقطة خاصة.. فإن هذا يسجل أن عملية التأثير إنما هي ماضية في الطريق الصحيح لها.
الإنسان منا يعلن عن مبادئ ويقيم نفسه للدفاع عنها، وهو لذلك يعاني من العمل بالسياسة والالتصاق بها ويناقش المبادئ وينفعل من أجل آرائه ويتشاجر إن لزم الأمر. كل هذه الأعمال ينفرد بها الإنسان ليقيم لنفسه أمام نفسه وزنا في هذه الحياة، فالحدث اليومي العادي في حياته كالمأكل والمشرب والنزهة والراحة لا يشبعون نهمه إلى الحياة والتعرف عليها، فهو دائما يبحث عن أحداث حقيقية تتسم بالقوة والحركة والنشاط والحمية، وهو في هذا لا ينسى الماضي ويفكر ويرسم للمستقبل، لكنه عن الحاضر لا يستطيع أن يتحدث في شيء..
لهذا كان ولا يزال الإنسان يفضل حياة الحركة، حياة الانفعال، حياة الحقيقة رغم ما فيها من خوف. وصدق جان بول سارتر عندما قال إن الإنسان يعشق الضربات المتلاحقة الحاسمة. 

*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .