+A
A-

التميمي: العرب مدعوون لإدراك أهمية التعايش حتى لا ينزلقوا للهاوية

((تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الالكترونية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية ، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الاشارة للمصدر.))

 

استضاف مجلس جابري في الجسرة مساء يوم أمس الأول، ندوة مهمة عن “التعايش الإلكتروني”، قدم ورقتها الخبير في التقييم المؤسسي وأفضل الممارسات إبراهيم التميمي، وبحضور جمع واسع من المهتمين، ومن رجال المجتمع، وأدار الندوة نهى كرمستجي.

وقدم التميمي مجموعة من الشواهد القصصية الواقعية، التي تعبر عن واقع التعايش الإلكتروني على مستوى الشركات الكبرى، والعابرة للحدود.

واستهل ببداية حديثه، بتقديم مثال عن شركة “هيلس ميديا”، التي أغلقت السوق الكيني بـ “هاشتاقات” وصور، ذكرت الكينيين بأحداث 2007 وبدور الشرطة بعدم نزاهة الانتخابات، وقال “خلال هذه الأحداث قتل 13 ألف شخص، وهجر مليون شخص، بسبب (هاشتاقات) وصور على النت، حتى أن أوباما وجه خطابا قال فيه: إلى أهلي في كينيا أدعوكم للتسامح، وللقيم، ولأن ما حدث هنالك لم يكن بالأمر الطبيعي”.

وأردف التميمي “شركة فيسبوك أعلنت قبل فترة إلغاء 650 حسابا بها تحرض على كراهية دول الخليج، وأُعلن بأن هذه الحسابات تدار من إيران”.

وتابع “هناك أيضا قصة مقتل النائبة البريطانية (جو كوكس) العام 2016، والتي واكب مقتلها 50 ألف تغريدة تدعو لمواجهة ثقافة الكراهية والقتل، ولولا موقع (غوغل) وجهوده، لاستمر موقع (يوتيوب) في التشجيع على ثقافة الكراهية هذه؛ لأنه وببساطة لا يهمه ما يحدث حول العالم، بقدر تحقيق أعلى نسبة من المشاهدات وفق الخوارزميات التي تحقق (الترند)”.

وفي هذا الصدد قال التميمي “أعتقد أن القانون يجب أن يفعل بهذا الجانب، عبر نقل التعايش الإلكتروني من مرحلة السب والشتم إلى مرحلة ضابطة من الالتزام واحترام الآخر، والمفارقة هنا أن السب والشتم في المواقف الشخصية يكون بخلاف ذلك بساحات التغريد، حيث يصنف حينها بشكل أكبر؛ باعتبار أنها هذه الإساءة تكون مثبتة ومخزنة، حتى لو حذفت من تطبيق (تويتر)، إلا أنها - بالمقابل - تظل باقية وموجودة في (غوغل)”.

وذكر أن “مسألة التعايش الإلكتروني توجز لنا بأن الوجود المجتمعي في ساحات “السوشيال ميديا” أصحبت كبيرة ومأهولة جدا، وتعكس التأثير على الناس وعلى صنع حياتهم، ومع الملاحظ هنا لقضية مهمة جدا، وهي عملية غسيل البيانات في (النت)، والتي يكون لها أثر على حياة الناس، بشكل أو بآخر”.

وقال “عملية الغسيل هذه، تشمل عمليات طمس المعلومات وتشويهها، وتغيير مفاهيمها، وكان مقرر حقوق الإنسان في (ماينمار) قد أكد أن عملية غسيل البيانات هو سبب القتل الذي حصل في في بلادة”.

واستكمل التميمي “أذكر حدوث أمر شبيه بذلك في البحرين أثناء إعادة توجيه الدعم للكهرباء والماء، إذ انتشرت وصلة على تطبيق (واتساب) تدعو المستخدمين لتسجيل بياناتهم وبيانات أفراد عوائلهم للحصول على دعم الكهرباء، وهو أمر حصل من كثيرين في البدايات؛ ليتبين بعدها بأن هذه الوصلة لا تمثل أي جهة رسمية، وإنما جهة مجهولة”.

وقال إن “من يقوم بهذه الأعمال الخارجة عن القانون، هم متخصصون بما يسمى (الهندسة الاجتماعية)، وهو تخصص يدرس بالجامعات، ويُعلم ويُوجه بشأن كيفية التأثير على المجتمعات وعلى الرأي العام بها، وعلى أخذ المعلومات منها لأسباب قد لا تكون مفهومة لهم، خصوصاً أثناء بعض الأحداث التي تهمه، محفزة إياهم لتسجيل بياناتهم”.

وأشار إلى أن “إحدى الدراسات المتخصصة لإحدى الشركات الروسية، أظهرت أن أكثر دول في العالم التي بها محاولات اختراق إلكتروني هي دول الخليج العربي، سواء لحسابات شخصية أو لمؤسسات، وبأن الحرب الجديدة أصبحت في هذا المجال، بالعقول، وفي غسيل البيانات نفسها”.

وبين أن “التعايش يعبر عنه بالوجود المتزامن، وفكرته تكمن - كمثال - في تجربه البوسنيين حين تم تهجيرهم في منتصف الثمانينات من بلادهم، وكيف اضطر الكثير منهم لتغيير أسمائهم وهوياتهم، ليتعايشوا مع المجتمعات المحيطة بهم، ويحصلوا على حقوقهم السياسية والمعيشية”.

وتابع “في البحرين نحن لا نحتاج لأن نغير أسماءنا لكي نحصل على حقوقنا، فهي مكتسبة وفق القانون، وبلادنا تقدم أنموذجا رائعا بهذا الجانب، لكن الوعي مطلوب هنا؛ حتى لا يكون التسليم بمسمى التعايش تهديد لنا”.

وأكمل التميمي “في العالم العربي ومن بعد 2011 تحديدا، الأمم المتحدة أصدرت معيار جديدا في تقرير التنمية البشرية اسمه (الشعور بالرفاه) وتحته معيار آخر اسمه (الثقة في الآخر) وأعلى دولة حققت هذا المعيار هي المملكة العربية السعودية وبنسبة 36 %، وأقل دولة عربية بذلك كانت لبنان وبنسبة 7 % فقط، ولكم تخيل حجم المشكلة”.

واختتم حديثه بالقول “إذا لم يدرك العالم العربي حجم الأزمة التي يعاني منها وأعني أزمة التعايش، فإنه سيتجه إلى منزلق خطر جدا”.