العدد 4082
الأربعاء 18 ديسمبر 2019
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
سياسة أم تعاسة!
الأربعاء 18 ديسمبر 2019

السياسة لعبة مزدوجة أدت حتى الآن لخسارتنا بالحياة العامة ونزعت السعادة من الكثيرين حين أصابتهم بالتوتر والاضطراب وانعدام الرؤية وشلت حياتهم وجعلتهم يرون الأمور بمنظور سياسي سلبي، لدرجة أن السياسيين إذا أرادوا أن يكون لهم شأن ما عليهم أن يكونوا نشطاء سياسيين، وهم مستعدون لإزاحة الاقتصاد والثقافة والفنون والسياحة والصحة والتعليم والحضارة من قاموس العمل والاكتفاء بالسياسة التي هي وحدها الجسر الذي يوصل إلى الفوضى من أجل فقط أن يصبحوا من المؤثرين في الحياة العامة.

وقد دخل رجال الدين أو بعض منهم إلى هذه الحلبة فانتقلوا من ساحة الوعظ والإرشاد إلى ساحة النشاط السياسي وقد فُتِح لهم الباب للوصول إلى المجالس البلدية والبرلمانات وإلى المناصب العامة في الدول من بوابة السياسة وليس الدين، هل في ذلك بعد من شك بأن السياسة هي اللعبة التي تفتح أبواب الفردوس للجميع باستثناء أولئك الذين لم يعرفوا كيف يلعبونها، بالطريقة القذرة! لقد خسرنا في بلادنا العربية، كفاءات وعقولا وكثيرا من المؤهلين للتطوير والازدهار، بسبب لعبة السياسة والدين، والنفاق السياسي، على حساب الاقتصاد والثقافة والحضارة وقد دفعنا أثمان هذه السياسة وسندفع الكثير، إذا لم نتراجع ونفكر بعقلانية وإذا ما فرضت علينا المصالح الخاصة والأنانية هيمنتها.

إن لعبة السياسة لعبة خاسرة، لا أعني أن لا نمارس السياسة أو نبتعد عن عنها، فذلك أشبه بالمستحيل، فلا وجود في عالم اليوم لشيء، أو حراك ما، ليست له علاقة بالسياسة حتى الماء والهواء من حولنا سياسة، لكن الفرق في العمل والنتائج.

السياسة لعبة صنع الرفاهية وهي في قاموس الدول المزدهرة والحضارية والعقلانية فن صناعة الرخاء بأسلوب المنافسة، وتتمثل في خطط ورؤى نتسابق على تقديمها كبرامج اقتصادية وصحية وثقافية، لكنها في عالمنا العربي عبارة عن سباق من يكسب أكثر ومن يكسر أكثر، ومن يحطم الآخر ومن يعزل الآخرين ويتسيد، فتخرج الكفاءات من المولد بلا حمص! هذه السياسة في العالم العربي للأسف الشديد، وتتكشف كل يوم من خلال الأحداث والممارسات المتخلفة.

في النهاية مجتمعاتنا هي الخاسرة ومرشحة للخسارة أكثر مما نتصور إن تَسيّدت السياسة المنافقة علينا بأكثر مما تحتمل الأوطان التي عانت من حكم الطبقات السياسية، وطلبات هذه الطبقات مثلما هو حال لبنان والعراق وغيرها، فالكل تقريباً لديه مطالب، فالسنة يريدون والشيعة يريدون والمسيحيون يريدون والتجار يريدون والسياسيون وتقريباً الجميع يريد، فهل يكفي ما في هذا الوطن ليلبي كل هذه الطلبات؟.

تنويرة:

لا يكون التصفيق الجماعي دائماً تعبيراً عن التأييد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية