العدد 3820
الأحد 31 مارس 2019
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
تحت الرماد
الأحد 31 مارس 2019

ماذا يختبئ تحت الرماد؟ مجتمع صغير، معقد بالإثارة ما يفوق حجمه الجغرافي والبشري، ماذا حدث لجزيرة مشرقة متراصة؟ مسكونة بالحب والألفة لتضحي بغضون سنوات وجيزة، بركان يغلي بمشكلات اجتماعية ومالية وأزمات بيئية وأمنية وطفرة عكسية بالعلاقات الاجتماعية المتشابكة، وكأنه مجتمع مصغر لمدينة L.A المعقدة، ثمة قصص بالمدارس والجامعات، وأزمات سببها وسائل التواصل، جرائم وحوادث وعلاقات مشبوهة وتجاوزات، قصص لو رويت قبل عقدين لكانت مجرد حكايات خيالية، ماذا وراء هذه الموجة الساخطة من الحوادث والأزمات بمجتمعنا الصغير الذي لم يعد متآلفاً؟ ساحات حروب، صراعات، اختفت قصص النجاحات وطغت قصص الإخفاقات، صار النجاح بالبطاقة والاسم، والتفوق لا يجدي مقابل الوجاهة، تغير وجهك الأليف يا وطني وطلِي بالمكياج.

انتشار اللهيب، عادات وحشية، ضياع الطفولة، اختفاء الابتسامة، هدير محركات العداوات، تنامي موجات غامضة بعلاقات الناس، وكأنهم من كوكب آخر، دوي تصريحات وشائعات واتهامات متبادلة، فقدان السيطرة على المشاعر والأحاسيس، بروز وجوه غريبة ترتدي أقنعة لم تعد غامضة بل هي مكشوفة، قصص تروى بالمدارس وروايات بمراكز الأمن تصلح لمسلسلات درامية، خدش المجتمع الصغير المتآلف، هناك أسباب وجذور لا يجب تجاهلها حتى تولد من شرارتها الخاطفة حريقا يبلغ العمق إن لم يواجه ويتصدى له بروح ونبض الأجداد والآباء الأولين سيحرق الأخضر واليابس.

لست متشائماً ولا متفائلاً، لست إلا محذراً ومنبهاً لكرة رماد تكبر وتنمو بيننا إن لم نتحرك جميعا ستولد منها كرة نار يصعب إطفاؤها، يد واحدة لا تصفق، الرئيس حفظه الله لا يتوانى عن إطفاء الحرائق بكل المسارات والأبعاد، والمبادرات لا تكفي إن لم يتماسك الجمع ويشدوا من أزر بعضهم، روح الآباء والأجداد يشيعها بيننا الرئيس وهو يطفئ حرائق تنشب كل ساعة هنا وهناك، والسؤال إلى متى يظل وحده المحرك للمبادرات؟

لا تكفي الشعارات دون الأفعال، لا تكفي الأقوال بلا تطبيقات، لا تنفع الصلاة بلا أخلاق، لا تنطفئ النار ما لم تحكم الشرارات، السيطرة فقدت حين انتشرت التجاوزات، هذه الجزيرة بحاجة لروح الأجداد لتسير الأجيال بالحكمة، هذه الجزيرة الباسمة ذات مرة، بحاجة لروح الرئيس ونبراسه وتقاليد أدائه عبر السنين، مع القبضة القوية تكون اللمسة الإنسانية، بالتفاصيل تكمن روح شيطانية، وبالتفاصيل الأخرى تكمن السعادة. للخير وجه واحد، وللشر وجوه عدة، فلا ننخدع ولا نيأس ولكن لنتآلف وننسجم ونزيل جدار الغربة عن وجه الإنسان حتى نزرع الابتسامة من جديد.

 

تنويرة:

الحج داخل الذات أسمى.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية