+A
A-

مشاركة سينمائية للمخرج بسام الذوادي في بيت السرد

ضمن فعاليات مهرجان بيت السرد للقصة القصيرة الثاني أقيمت ندوة بعنوان: (القصة العربية القصيرة على الشاشة: أسباب الندرة وملامح الحضور) بمشاركة ومداخلة المخرج العريق بسام الذوادي، والكاتب الكبير حمد الشهابي من البحرين، والناقدة والمخرجة هناء العمير.

وقال الذوادي حول صعوبة تحويل القصة إلى فيلم هي السبب مقارنة بتحويل الرواية بأن لا يوجد هناك فرق بين تحويل القصة أو الرواية أو الفكرة المكونة من سطرين إلى فيلم روائي طويل، فجميعها يتطلب سيناريو يزيد عن الـ 120 مشهدا لأجل الفيلم الطويل، وكاتب سينمائي محترف، ولدينا الكثير من الأمثلة العربية والأجنبية، فتريفو وجودار كانوا يعتمدون على ورقة بها الفكرة عندما أنشأوا الموجة الجديدة في السينما، وروايات الكاتب ستيفن كنج التي تحول معظمها إلى أفلام سينمائية ناجحة ودان براون، حيث كانت رواياتهم من 300 إلى 400 صفحة، علما بأن ستيفن كنج كاتب قصص قصيرة أيضا، وهذا ينطبق على كتاب القصة القصير العرب أمثال يوسف إدريس، ويوسف السباعي وغيرهم، فكثير من الأفلام الطويلة تعتمد على حالة، سواء نفسية أو اجتماعية أو سياسية أو أقتصادية، وهذه الحالة تكون هي عصب القصة الأدبي والدرامي.

وأضاف: “كاتب السيناريو المحترف ملم بكل جوانب التقنية السينمائية القديمة والحديثة، وهو يختلف عن الأديب في هذا الجانب، لذلك يستخدم هذه الجوانب حين يكتب سيناريو فيلم روائي طويلا، وهذا لاشك يتطلب الخبرة والعلم والتقنية قبل معرفة ممارسة الكتابة للشاشة، وطبعا المشاهدة الغزيرة للأفلام السينمائية القديمة والجديدة يساعد بشكل كبير على بزوغ الفكرة في شكل صور سينمائية مكتوبة، وبالتالي الخبرة والمهارة ليس فقط في التعامل مع النصوص القصيرة مطلوبة، وإنما أيضا الخبرة في الموسيقى والتصوير والخدع والإخراج تساعد بشكل كبير. ومن تجربتي، فقد كتبت الشعر وأصدرت ديوانا العام 1981 ورسمت اللوحات التشكيلية منذ العام 1977 وحتى العام 1993، وأقمت معرض للصور الفوتوغرافية في القاهرة العام 1980، ولحنت أوبريت غنائي قدمته في القاهرة والبحرين وتولى توزيعه الموسيقار خليفة زيمان العام 1983 وقمت بمونتاج الكثير من الأفلام السينمائية القصيرة البرامج التلفزيونية طوال السنين، كما قمت ببطولة مسرحيتين المؤلف العام 1985، والتي أخذنا عليها المركز الأول في أول مهرجان مسرحي خليجي في الكويت في فبراير 1985، ومسرحية ويود عليه العام 1986، كل هذا ليس لأكون شاعرا أو مصورا أو موسيقيا أو رساما أو مونتيرا أو ممثلا، وإنما لكي أكون مخرجا أفهم هذه العناصر وأستوعبها وأستطيع أن أتكلم لغتها وأعكس ذلك عندما أخرج فيلما سينمائيا روائيا أو تسجيليا أو مسلسلا أو برنامجا تلفزيونيا أو إعلانا. لذلك أعتقد بأن كاتب السيناريو يجب أن يلم بكل جوانب الإبداع كثقافة خاصة، لا أن يمارسها وإنما يستغل هذه الثقافة في الكتابة، وخلق المشاهد بشكل عام.

وأكد بان الجانب الاقتصادي جدا مهم: “كنت أعتقد بعد فيلم الحاجز بأن السينما ستستمر دون توقف، ولكن بعد سنتين أي في العام 1992، اكتشفت أن الحسابات الاقتصادية لأي فيلم خليجي في منطقة الخليج لا يعني ذلك فشل أو نجاح الفيلم اقتصاديا لسبب مهم جدا، وهو الكثافة السكانية.

حاليا، عدد سكان الخليج من غير المملكة العربية السعودية يبلغ نحو 5.5 ملايين نسمة، ومن يحضر السينما لفيلم خليجي نحو 1 % من هذا العدد، أي ما يوازي 55 ألف نسمة، هذا إذا كنا محظوظين، فالفيلم يعرض في دار سينما واحدة أو اثنتين على الأكثر في دور عرض دول الخليج العربي، وبالتالي يكون هناك من 5 إلى 12 دار عرض للفيلم في جميع دول الخليج عدا المملكة العربية السعودية، بما يوازي من 1000 إلى 2400 كرسي، فلو صرفنا على الفيلم ما يعادل الـ 200,000 ريال سعودي، وهو مبلغ بسيط، ولو كانت جميع المقاعد مليئة بالمشاهدين في دول الخليج العربي لخمسة عروض في اليوم (وهذا مستحيل طبعا) سيحقق الفيلم 360,000 ريال في اليوم الواحد، منها 70 %، أي ما يعادل 252,000 ريال لشركة السينما، ويبقى 108,000 ريال للمنتج، ولو استمر هذا المنوال والمقاعد جميعها محجوزة لمدة يومين، يستطيع المنتج أن يعيد المبلغ الذي صرفه على الفيلم دون فوائد، ومن تجربتي معدل دخول الجمهور لفيلم خليجي في كل دول الخليج دون السعودية هو 300 إلى 400 شخص، أي يحتاج المنتج أشهرا ليعيد مبلغ الإنتاج فقط وطبعا الشركات لا تضع الفيلم لمدة أشهر أحيانا يستمر الفيلم الناجح ثلاثة أسابيع فقط والكثير من الأحيان أسبوعين فقط، أي أن المنتج إذا كان محظوظا سيحصل على 80,000 أو 100,000 ريال بشكل عام، وتلك خسارة كبيرة لا تستحق إعادة التجربة.

وإنما اليوم وبعد فتح دور العرض في المملكة العربية السعودية مع معدل كثافة سكانية 20,000,000 مواطن، مع مواطني دول الخليج أعتقد الـ 10 % منهم ستكون كافية لنجاح الفيلم اقتصاديا، وهذا سيدفع بالكثير من المنتجين في الخليج والعالم للدخول في عالم السينما، وهذا ما أتمناه”.وقال في مداخلته: “الخيال مهم جدا في الكتابة للسينما، بل وتعتمد علية النصوص ورؤية الصناع أكثر من الواقع، ولا أعتقد بأن كاتب السيناريو يستطيع أن يلتزم حرفيا بالقصة، فللسينما لغة خاصة كما تعلمون، الكاتب يكتب سطرا أدبيا يحوي انتقال البطل من مكان إلى آخر، وكاتب السيناريو يحول هذا السطر إلى عشرة مشاهد ذات صور عميقة وموسيقى تصويرية ومؤثرات صوتية يمر من خلالها البطل على شخصيات أخرى في القصة تدعم الفكرة الأساسية لها، الوضع مختلف تماما وعدم الالتزام أحيانا يكون حرفة لأجل الفيلم والرواية مع بعض، كما تعلمون الأدوات في السينما ليست ورقة وقلما، وإنما هناك ممثلون وموسيقة ومؤثرات ووحدة زمان ومكان، كل هذه الأدوات تختلف عن أدوات الأديب كاتب القصة أو الرواية.