العدد 3491
الأحد 06 مايو 2018
banner
نقطة أول السطر أحمد جمعة
أحمد جمعة
عصر البطانات
الأحد 06 مايو 2018

نحن في عصر التخصص وكل مجال وله رجاله وكوادره، وكل قطاع لابد من كفاءاته، لهذا سُمي هذا العصر بعصر الأعمال الذكية التي تتطلب التخصص والتفرد في من يقوم بالوظائف والأعمال وهو أمر يتجه نحوه العالم منذ سنوات وتزداد أهمية هذا التوجه يوما بعد يوم، ولهذا التوجه علاقة بزيادة الإنتاجية ورفع مستوى الدخل العام وتحسين أوضاع الأعمال، وقد كنا نحن في البحرين قبل ثلاثين سنة تقريباً من رواد هذه النظرية، وكنا في مجالات كثيرة يتم اختيار المسؤول حسب التخصص والكفاءة، لا أدعي ذلك بشكل عام ولكن في الغالب كان ذلك متوفراً في العديد من القطاعات، وما حدث بعد ذلك أننا قفزنا عن هذا المفهوم في السنوات الأخيرة ورأينا وزراء في غير أماكن تخصصهم ووكلاء في غير مجالاتهم وسفراء ليسوا في محيط تخصصاتهم، بل هناك سفراء في دول أوروبية وفي قلب العالم الصاخب تجدهم لا علاقة لهم بتلك المجتمعات حتى أنهم من غير رواد الثقافة رغم كونهم في قلب عواصم الثقافة، أضف إلى ذلك شوريون في غير مكانهم ونواب ضائعون ولا يعرفون أين الله القاهم في المعترك فتاهوا.

طبعاً غير ذلك هناك الأشنع والأدهى من ذلك، وهو أن هناك أشخاصا وأفرادا لم يتوانوا عن التصريح بعدائهم للدولة والشعب وجدوا أنفسهم في قلب المسؤولية وبمراكز خطيرة وحساسة، وهناك مسؤولون وموظفون معروفون بتواطئهم مع أعداء الوطن ومازالوا يحظون بالرعاية بل مقربين من الدولة أكثر من غيرهم، أما الطامة الكبرى فتلك المتعلقة باستبعاد الكفاءات لأنها على غير المزاج وتدليل غير الكفاءات لأنها تجيد الرقص والتطبيل، وهذا والله بحسب ما ذهب إليه ابن خلدون منذ عدة قرون مضت علامة على ضعف الدول حتى لو بدت من الظاهر مشدودة وقوية وأخشى أن نغفل عن هذه الحالة وتستشري الأوضاع فيما يتعلق برؤية الحقيقة، فهناك للأسف من يقول دائماً إن “كل شيء تمام والأمور طيبة” وإن الأوضاع تمام التمام وهذه تسمى البطانة المدفدفة وهي لا تساعد الحاكم والمسؤول على رؤية الواقع والحقيقة، لكن الحمد لله لدينا سمو رئيس الوزراء حفظه الله لا يعتمد على بطانة ولا على رسائل منقولة ولا وساطات في الوصول للحقائق، سموه يسعى بنفسه ومباشرة لبلوغ الحقيقة وفهم الأوضاع مهما كانت سلبية أو إيجابية وليت كل المسؤولين يقتدون بسموه قبل اتخاذ قراراتهم، فليست الحاشية دائماً من ينقل الصورة الكاملة فكثير من الأوضاع تحتاج للمسؤول أن يعرفها بنفسه وعبر قنواته المباشرة، هذا هو أسلوب العصر وواقع اليوم الذي على أساسه أصبحنا في عصر الصورة التي تستغني عن البطانات المزينة.

تنويرة:

لا تثقب شراعك وتتهم الريح.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية