العدد 3396
الأربعاء 31 يناير 2018
banner
نقطة أول السطر أحمد جمعة
أحمد جمعة
الخوف من المجهول
الأربعاء 31 يناير 2018

«الخوف من المجهول يمنع الكثيرين من ترك أوضاعهم السيئة”... كاثييل لي جيفورد.
حقاً المجهول عائق أمام الأمم كما هو أمام الأفراد، فالأمة التي لا تعرف أين تتجه؟ ولا أين تقف؟ ولا ماذا تفعل؟ هذه الأمة لن تتحرك عن مكانها بل هي مرشحة للعودة خطوات للوراء، وما ينطبق على الأمم ينطبق على الأفراد، فالإنسان الذي يعيش في خوف دائم من المجهول ويقضي حياته في المتاهة التي لا حدود لها لاشك أنه إنسان تعيس ليس بإرادته لأن هناك من فرض عليه هذا الموقع الذي يعيش فيه، فأما أن تكون الأوضاع المحيطة به أو الأخبار التي تشاع من حوله أو أي مؤثر من شأنه أن يجعله أسير الخوف من المجهول، وبالتالي يحبطه ويحنطه وربما يقتله. الآن نحن في البحرين تحديداً، يبدو أن كثيرا من المواطنين يعيشون هاجس الخوف من المستقبل، مستقبل وظائفهم، مستقبل تقاعدهم، مستقبل معيشتهم، ومستقبل أجورهم ومستقبل صحتهم وغيرها من الهواجس الكثيرة التي تنغص على الإنسان حياته بسبب هذا الخوف الذي يلاحقه، وهناك من يبثه وينشره، مثل وسائل التواصل الاجتماعي التي ما انفكت ترشح سوء الأوضاع في كل دقيقة وهناك الأخبار التي تتناقلها الصحف يومياً بشأن الأوضاع المعيشية والتقاعدية وغيرها، بالإضافة لتصريحات نواب وشوريين تبث الرعب والشكوك والتشويش في نفس المواطن، فبدلاً من أن يعرف المواطن ماذا يجري من حوله عن طريق عقول مستنيرة صريحة وواثقة من نفسها ومن معلوماتها نرى أمثال هؤلاء النواب والشوريين وحتى معهم بعض الوزراء يدلون بالتصريحات الغامضة والمجهولة التي تزيد من حجم المتاهة التي تحيط بالمواطن، فبدلاً من أن يتلمس المواطن الأمان في هؤلاء وبدلاً من أن يكونوا وسيلة تنير للمواطن طريقه كما يفترض، أصبحوا وسيلة غموض وإحباط ويأس حتى لتفكر بالعزلة والانقطاع عن العالم الخارجي أفضل لك ألف مرة من العيش وسط عالم مبهم تحولت فيه وسائل التواصل الاجتماعي إلى محرقة تشعل أعصابك وتشل قدرتك على التواصل الاجتماعي الإنساني.

إن عالم المجهول هذا لا وجود له في الدول المستنيرة لأن الجميع يتحدثون لغة واحدة هي المصارحة والتوضيح والابتعاد عن الشكوك، لقد تابعت خلال الفترة الأخيرة مجموعة من التصريحات المتضاربة لنواب وشوريين اكتشفت فيها ترويعا وترهيبا وغموضا وإبهاما وكتلة من المجهول الذي من شأنه أن يقود المواطن للجنون، فهذا النائب يقول كلاماً والآخر ينكره، وهذا الشوري يصرح بخبر ويأتي النائب وينفيه، فإذا كانت طليعة السياسيين والتشريعيين بهذا الحال؟ فماذا تركنا للمشوشين والمشككين على وسائل التواصل الاجتماعي؟ الذين يتلقفون هذه التصريحات ويضيفون فوقها البهارات اللازمة لتصل للمواطن البسيط الجائع للتفاؤل، وجبة مشوشة قاتلة من صنع هؤلاء المجهولين.

تنويرة:

الاحتيال ليس بالقول دائماً، في أحيان كثيرة بالتلميح.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية