العدد 3298
الأربعاء 25 أكتوبر 2017
banner
بين الرخاء وتغيير القواعد
الأربعاء 25 أكتوبر 2017

التغيير متعة الحياة ورخاؤها ورفاهيتها إذا قاد بالطبع إلى الأفضل، وذات الكلمة “التغيير» يصبح كارثة مروعة لو عكس التيار وقاد للوراء، و»الشطارة» أن تغير وفي ذات الوقت تحتفظ بالقواعد الأساسية، فتخيل أنك تريد تغيير شكل المنزل أو البناية فتقوم بهدم القواعد، عندها سينهار البناء برمته.

لقد تعلمنا من سمو رئيس الوزراء المعلم الأول حفظه الله ورعاه أن هذا البلد ليس محلا للبيع والمساومة والمراوغة، وتعلمنا من سموه قول الحقيقة مباشرة دون لف أو دوران، فالطريق للأمن والبناء والاستقرار وخصوصا لدولة كالبحرين معرضة للتآمر طوال تاريخها، أن نتمسك بالثوابت ونعمل بالمتغيرات، فإن كنت تتطلع لتغيير الخطة فلا مانع، بشرط أن تكون ذكيا وتمسك البناء ولا تتلاعب بالقواعد، فالقواعد هي الثوابت، حيث رأينا في الماضي القصير في 2011 حينما تلاعبنا بها كيف دفعنا الثمن.

إن الدرب طويل إلى بلوغ الرخاء المنتظر، فقبل أن نفكر بالرخاء علينا أن نفكر بكيفية الحفاظ على المكتسبات، خصوصا التي تمس المواطن، فالرخاء ليس لفئة أو طبقة، وإلا كانت الهند أول دولة في الرخاء من حيث حجم طبقة التجار والأغنياء، علينا خلق الاستقرار في خطتنا للتنمية لا أن نغير القوانين كل سنة ونشرع الإجراءات المعرقلة كل شهر بل ونزيد الرسوم كل ساعة دون دراسة أو تأن، عدم الاستقرار في البلد يعطل التنمية ويشل العمل ويدفع بالاقتصاد والاستثمار الذي هو أساس الرخاء إلى التراجع حتى لو زاد الأمر شركة أو شركتين محدودتين فذلك لا يشكل الطموح.

المسالة الأخرى التي يتحدث فيها البعض عن الرفاهية والرخاء تتعلق بالإدارة العامة للدولة، فإذا كانت الدولة تغير كل يوم سياستها وتسير على البركة من خلال قرارات مرتجلة تضع هذا وتسحب ذاك، تمنع اليوم وتفسح غداً، تعاقب هذا اليوم وتكافئه غداً بدون حتى أن يتغير شيء سوى أن هناك مزاجاً يحكم هذا التصرف فإننا نكون أبعد ما نكون عن الرخاء المنتظر بمسافة لا نحلم بتضييقها ما لم نفهم القواعد ونحفظها.

إن الدولة التي تغير سياستها كل شهر هي دولة بحاجة لوقفة تراجع فيها نفسها، فتغيير السياسات من دون وجود استراتيجية تقف وراء هذا التغيير يضع المجتمع برمته في حالة تخبط، فحتى لو رأت الدولة أن سياستها هذه لها حسابات لا يراها غيرها من شأن هذا التصور نسف القواعد وهو أخطر شيء.

إن السياسات المرتجلة هي القشة التي تقصم ظهر البعير فحتى على صعيد الأسرة والمنزل عندما تكون سياسة رب الأسرة عشوائية ومتخبطة فإنها تقود للنتيجة نفسها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية