ان كنت تنتظر فيلما جديدا في السينما من اخراج عملاق مثل كريستوفر نولان فهذا أمر جميل جدا ويستحق فعلا الانتظار، خصوصا وان هذا المخرج يحتل اليوم مكانة عالمية في قلوب عشاق السينما خصوصا عشاق افلام الباتمان، فقد تألق في فيلم "بداية باتمان" عام 2005، والذي كان عبارة عن إعادة إحياء سلسلة باتمان الشهيرة، وترشح الفيلم بسبب نولان للأوسكار، وقد حاز على ثلاث جوائز بافتا.

فيلمه الجديد هذه المرة بعيد عن الخيال والمغامرات واقرب الى احداث حقيقة، حيث يتناول جانبا من الحرب الأشرس في التاريخ الحديث بفيلم Dunkirk الذي رشحه العديد من النقاد في تويتر أنه ينافس بقوة في حفل توزيع جوائز الأوسكار 2018، وهو يحكي قصص الحرب بكل زواياها وبتصوير مبدع جدا لمدير التصوير هويت فان هويتيما في تعاونه الثاني مع نولان، حيث يقدم الحرب العالمية الثانية 1940، وقصة الإجلاء الإعجازي لجنود الحلفاء من بلجيكا، بريطانيا، وفرنسا، بعدما محاصرتهم بواسطة الالمان في فرنسا وبشواطئ دونكيرك واستمرت لمدة أسبوع، وبلغ العدد الإجمالي لهؤلاء الجنود الذين تم إجلاؤهم نحو 192 ألف جندي بريطاني و144 ألف جندي من فرنسا، بلجيكا، كندا، بولندا وهولندا؛ ويعتبر فشل القوات النازية الألمانية في أسر هذه القوات تحول مغاير للحرب انذاك.

يشترك في احداث الفيلم كل من النجوم توم هاردي وهاري ستايلز وكينيث براناه وكارك رايلانس وسيليان ميرفي وجيمس دارسي وداميان بونارد وجاك لودين وغيرهم، ويعد الفيلم كما ذكرنا سابقا الأكثر انتظارا العام 2017 وفقا لآراء العديد من النقاد والسينمائيين، وفور طرح الفيلم لتصويت آراء الجمهور على موقع IMDb حصل الفيلم على تقييم 9.7 وتصدر الفيلم إيرادات دور السينما في أميركا الشمالية، حسبما أظهرت تقديرات استوديوهات السينما وحقق الفيلم، ايرادات بلغت 50.5 مليون دولار خلال أول ثلاثة أيام من عرضه ويعرض حاليا في البحرين بنجاح.

اللافت في الفيلم ايضا الى جانب كل العوامل الناجحة موسيقى الفيلم قام بتأليفها الفائز بالأوسكار هانز زيمر وهو التعاون السادس بين زيمر ونولان بعد ثلاثية باتمان وفيلمي Inception وInterstellar وأكد "نولان" في لقاء صحافي معه عن الفيلم أنه جعل فيلمه الجديد قصير نسبيًا، بمدة 107 دقائق فقط، حيث يعتبر الأقصر له منذ عام 1998، لافتا إلى أنه بصدد تغيير الأفكار بشأن الأفلام التي تتناول الحروب بأنها "ملاحم تاريخية" بالتركيز على بناء الشخصيات بدلًا من الحوار البحت، قائلا: "أنا أعرف أن الناس -خاصة البريطانيين- الذين يعرفون القصة جيدًا توقعوا أنه سيكون لمدة ثلاث ساعات ولكن أردت أن تكون تجربة مكثفة وفريدة".

من هو كريستوفر نولان؟

ولد كريستوفر نولان في لندن 1970، عاش ونشأ بين إنجلترا والولايات المتحدة الأميركية، عشق السينما والتصوير منذ طفولته، فكان يصور عدة أفلام منزلية من خلال كاميرا والده، حتى أنه قام بصناعة فيلم يحاكي فيلم حرب النجوم وقد دعاه فيلم إيقاف الحركة، كان حلمه بأن يكون مخرجا سينمائيا كبيرا، وخلال مرحلة الشباب التحق كريستوفر نولان بجامعة لندن، كلية الآداب، خلال فترة دراسته أصبح رئيسا بجمعية اتحاد الافلام، جنبا إلى جنب مع إيما توماس - زوجته المستقبلية- ومنتجة أفلامه، من أبرز إنجازات كريستوفر نولان في ذلك الوقت فيلمين قصيرين " تارنتيلا" وفيلم "سرقة".

استمر كريستوفر نولان في إخراج الأفلام القصيرة حتى جاءت فرصته في إخراج أول فيلم طويل بعنوان " تتبع" عام 1998، الفيلم من إنتاجه وإخراجه، وقد ابتكره من قصة حدثت معه في لندن بعد سرقة منزله، لاقى الفيلم نجاحا جيدا، رغم إمكانياته الضعيفة، فقد حرص نولان على استثماره بشكل كامل من خلال عدم إهدار الشريط وتدريب الممثلين بشكل جيد على الأدوار.

في بداية عام 2000 أخرج كريستوفر نولان الفيلم الذي جعله مشهورا، بعنوان " تذكار" حاز الفيلم على إيرادات بلغت حوالي 25 مليون دولار، كما رشح لجائزة الأوسكار، أما قصة وسيناريو الفيلم فكان نولان نفسه هو من ابتكره، بعد نجاح تذكار، تعاون كريستوفر نولان مع المنتج ستيفن سودربرغ، وكانت ثمرة التعاون فيلم " الأرق" عام 2002 الفيلم من بطولة آل باتشينو وروبين وليامز، الفيلم يحكي عن قصة مقتل فتاة في ألاسكا، يحاول المحقيين اكتشاف قاتلها.

النجاح الكبير والثاني للمخرج كريستوفر نولان كان في فيلم "بداية" inception عام 2010، وذلك بالتعاون مع شركة ورنر براذر الشهيرة، شارك في بطولة الفيلم ليوناردو دي كابيرو، كين واتانبي ومايكل كين، كما أنه رشح لأكثر من جائزة أوسكار وربح أوسكار أفضل تصوير ومونتاج وتأثيرات بصرية، واستكمل كريستوفر نولان نجاحاته مع " نهوض فارس الظلام" 2012، بالإضافة إلى تعاونه مع المخرج زاك سنايدر في إنتاج فيلم " رجل من حديد" وهو فيلم مستحدث من سلسلة أفلام سوبر مان.