العدد 2997
الأربعاء 28 ديسمبر 2016
banner
أي إيمان هذا؟ (1-2)
الأربعاء 28 ديسمبر 2016

كل عام وأنتم بخير بداية وعفوا: ليس هذا جلدا للذات، بل إنه تحريض على الذات الميتة. لماذا وصلنا إلى هذه الحالة المزرية في العالم العربي؟ هل بسبب نقص الإيمان أو نتيجة زيادة في الإيمان؟ وأي إيمان هذا؟

نحن العرب منذ التاريخ نافسنا أشد الأمم في الإيمان حتى أصبحنا أقوى أمة في الكون تملك الإيمان إلى درجة أن إيماننا تحكم في خمس قارات! وتجسد في خمس مرات! وخمس سفرات وخمس تبرعات وخمس رحلات وخمس منافسات، حتى أصبحنا الأقوى في خمس قارات، هل تعلمون أي خمس فاجعات نحن فيها؟

حينما تأملت الأمر وأبحرت فيه من خلال مقارنة بيننا وبين الآخرين سواء أوروبيين أو آسيويين، وأميركيين بالطبع، وجدت اللغز في الإيمان، لا الإيمان الديني فهذا متوفر أكثر من اللازم وإلى الحد الذي أنتج متطرفين يقطعون الرؤوس، لكن ما أعنيه هو الإيمان الذي قاد الشعوب الأخرى إلى الخروج من الكهوف المظلمة والولوج في فضاء التحرر والإبداع والتطور، فنحن لو تفحصنا إيماننا بأي من المبادئ التي تقود للنجاح لن نجد من يؤمن بهذا كما يؤمن به الإنسان الكوري والسنغافوري والياباني وبالطبع الأوروبي والأميركي، إيماننا مفقود في العلم حتى أن أغلب مناهجنا تقوم على كل شيء إلا على الإيمان بالعلم والمعرفة خارج نطاق التلقين والحفظ، وإيماننا بالعمل مفقود تماماً إلا من حضور وانصراف وخارج نطاق الابتكار والإبداع. وإيماننا بالأفكار الجديدة غير متوفر لأننا غارقون في الأفكار السطحية والهامشية وتلك تهيمن على وسائل التواصل الاجتماعي التي تحولت الى تفاهات، هناك إيمان بالقراءة، ولكن أية قراءة نقرأ؟ وكم الذين يقرأون؟ وماذا يقرأون؟ وهل يؤمنون بالقراءة أصلاً؟ إيماننا بالمؤتمرات لا حدود له ولكن ماذا صنعت هذه المؤتمرات؟ ومن يحضرها وما هي مخرجاتها؟ كتابنا جرحوا قلوبهم وهم يدعون للإيمان بالمعرفة ولكن هناك مجتمع كبير يؤمن بعدم جدوى المعرفة، إذا هناك إيمان ولكن عكس الإيمان عند الآخرين بالمعرفة، لأن الإيمان عندنا قائم على الجهل والخرافة والدليل إيماننا بمحتويات وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من إيماننا بابن خلدون والفارابي وابن رشد، وهذا فائض في الإيمان. 

 

تنويرة: تفقد الأشياء بريقها كلما اقتربنا منها أكثر. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية