العدد 2983
الأربعاء 14 ديسمبر 2016
banner
عالم يدمر عالما آخر!؟
الأربعاء 14 ديسمبر 2016

في العالم اليوم وفي هذه الساعة من نهاية العام الحالي كُرَتان أرضيتان، وكونان مختلفان مع شعبين متنافرين، شعب يموت من الجوع والإرهاب والخوف، وشعب آخر يعيش بحب وفرح ورقص وغناء، في عالمين منقسمين لا يجمعهما سوى ما يسمى بـ “الكرة الأرضية”، وهي كذبة يمكن تصديقها لو كانت هناك عدالة في العالم تسمح بموت وتمزيق دول وتفتيت كيانات وتشريد شعوب لاجئة في أنحاء الأرض ولا وجود لعقل يدرك هذا المشهد الذي نموذجه في هذه اللحظة مدينة حلب التي فاقت فيما تعرضت له مدينة ستالينجراد في الحرب العالمية الثانية على يد النازية الهتلرية، ورغم ذلك، لم يحرك الأمر ساكناً في العالم الغربي والشرقي رغم أنني لا أُقلل من مسؤولية الشعوب العربية ذاتها فيما تعرضت له من تمزق، لأنها من غير وعي راحت تركض وراء ما سمي بالثورات وما هي إلا حلبة سباق في التدمير أشبه ما تكون بحلبة فيلم “hunger game” الذي يدور حول لعبة القتل بين فئات وشرائح ومنظمات ومحافظات، ويدير اللعبة مركز قوي يتحكم في القتل والحياة، في الفيلم اختار الناس أن يموتوا بإرادتهم لأنهم خُدروا باللعبة ونسوا عقولهم وانساقوا وراء القتل، وفي ليبيا وسوريا والعراق ومناطق أخرى من العالم المتخلف جرى القتل على هذا النمط، حيث سُحر الناس ببريق التغيير، ودفعوهم لأن يحلموا بعالم أفضل من عالمهم فخسروا عالمهم ولم يكسبوا عالماً جديداً، وكان من بين من رشح لهذا المصير نحن في البحرين، حيث انساق بعض المغرر بهم، تقودهم فئة خارجة على القانون، موجهة من مركز التحكم بالخارج تترأسها قوى عظمى أرادت لنا ما فعلته في ليبيا والعراق وسوريا واليمن، ولكن العقلاء هنا فهموا اللعبة وأحبطوها. عند هذه الحدود ينتهي العام 2016 وقد خرقنا الجدار السميك الذي عولنا فيه، وكسرنا قيود العنف والإرهاب الذي وضعنا فيه، وخرجنا سالمين غانمين من أخطر لعبة “hunger game” عالمية وفلتنا من المصيدة، وعلينا أن نثبت أقدامنا منذ الساعة مع عبورنا هذا العام نحو عام جديد آخر لا تكون فيه لعبة العالمين، عالم الناس الذين يموتون من الجوع والإرهاب وعالم الناس الذين يحيون بفرح وغناء. 

يشع العالم هذه الأيام بالعواطف والحب وتبادل المشاعر مع إشراقة أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة، لاحظت المشاعر والأحاسيس التي تغطي نصف الكرة الأرضية من جهة الغرب، فيما أرى بالمقابل جفاف المشاعر وموت العواطف في عالمنا العربي ومجتمعاتنا الشرقية وكأننا ننتظر نهاية العالم. كل ما يصدر عنا في وسائل التواصل الاجتماعي نكد في نكد وتتصدر أخبار الحروب والصراعات كتاباتنا، فيما الآخر هناك وراء الأفق يعيش أجواء الموسيقى والكتب والأزهار والهدايا البسيطة الصغيرة المعبرة عن العواطف التي يخلو منها عالمنا... هل لاحظتم ذلك؟ لم نحاول حتى أن يكون عندنا تغيير طفيف في حياتنا حتى نخرج من هذه الأجواء القاتمة التي تمنع الفرح وتصادر الموسيقى وتهرب المخدرات وتغرق الناس في الشائعات وتوجه الإعلام ضدنا وتحاول أن تغرينا بخوض المغامرات باسم التغيير، وما التغيير إلا لعبة القتل والتمزيق للشعوب، التغيير الحقيقي هو للأفضل وليس للأسوأ كما في مدينة حلب هذه الساعة.

تنويرة: 

“إذا أضعت طريقك فجأة، لا تيأس ما دمت تحتفظ بخريطة للطريق”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .