العدد 2973
الأحد 04 ديسمبر 2016
banner
هل نحتاج إلى وزارة للسعادة؟
الأحد 04 ديسمبر 2016

هل أنت سعيد في وطنك وبيتك ومع أسرتك وضمن محيط مجتمعك؟

هل توقفت وسألت نفسك عزيزي القارئ هذا السؤال ثم تأملت حالك ومن حولك وقست مشاعرك وبحثت في نفسك قبل أن تجيب على هذا السؤال؟ شخصياً مفهوم السعادة لا يحتاج لفلسفة أو محاضرة أو تنظير، هو مجرد شعور براحة البال والطمأنينة وأنك لست بحاجة لطبيب نفسي يساعدك على العيش وتحمل أعباء الحياة كما هو النظام في الغرب. السعادة مرتبطة بالاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، هذا أولاً، والسعادة مرتبطة بحجم المكاسب والمنجزات التي تحيط بالإنسان وكيفية استفادته من هذه الامتيازات التي وفرتها له الدولة وساعدته على أن يعيش بسعادة، ولا يكفي - على سبيل المثال - أن تنشئ شركة أو وزارة أو مؤسسة لصنع السعادة فالسويد مثلاً لا توجد بها مؤسسات رسمية تعنى بالسعادة ولكن العالم يحسد السويديين على السعادة التي يعاني منها شعبهم وتفيض عن حاجته ويرفض تصديرها للخارج، لأنه ببساطة تخلى عن الحرب الداخلية بين أفراده وابتعد عن الصراعات الطائفية والحروب الأهلية وفوق ذلك كله لا يهتم الشعب السويدي بالسياسة حتى أنه لا يعرف أسماء وزرائه، ولا ينشغل طوال يومه بالسياسة في البيت والعمل والمقهى والمجلس، ولكن عندنا نحن العرب والمسلمون حتى في فراش النوم بين الزوج وزوجته هناك نقاش سياسي، ثم نأتي في صباح اليوم التالي ونشتكي فقدان السعادة. إن العدو الأول للسعادة هو الخوف، الخوف من الفقر، والخوف من خسارة منزلك، والخوف من فقدان وظيفتك، والخوف من فقدان وطنك، والخوف من غضب مديرك في العمل والخوف من نفسك، والخوف من تدهور صحتك، هذا الخوف لا تشعر به إلا إذا كنت في بلد محاط بالمخاوف والتحديات والتهديدات ولا يوجد من يطمئنك على مستقبلك وعلى أمن أسرتك الصغيرة وأصدقائك المقربين، وهنا تكمن قيمة الأمن والأمان وجوهر الاستقرار الأمني والاقتصادي والاجتماعي، ولو تلفت حولك ووجدت أن هذا الأمن وهذا الاستقرار يحيط بك لاشك سوف تكتشف مدى السعادة التي أنت فيها مقارنة بالإنسان السوري كان الله في عونه وخفف من معاناته.

لا تقلل من قيمة ما حولك، ولا تقلل من قيمة ما تملك حتى لو كنت لا تملك ما تطمح إليه فانظر على الأقل حولك واسأل نفسك: هل أنا وأسرتي وأهلي وأصدقائي ووطني  بخير؟ وهنا جوهر السعادة، أن تكون صحتك بخير وأن يكون أفراد أسرتك بخير وأن تشعر بالأمن والاستقرار في وطنك ولا تخشى من أن يقتحم أحدهم بيتك ويطلب منك الخروج منه ولا تتعرض ابنتك لا قدر الله للاغتصاب على يد متطرف أو إرهابي ولا تخشى من صاحب نفوذ يهددك في ما تملك، وأخيرا أن تعيش وأنت تشعر بالحرية لا تلك التي يقدمها لك سفير غربي أو منظمة حقوقية دمرة بل الحرية أن تأكل وتشرب وتسمع وتشاهد وتسافر وتقرأ وتتحدث من دون قيود.

هذه هي السعادة باختصار، أن تملك حرية نفسك ويملك غيرك حرية نفسه من دون صراع بينك وبينه، فهل نحتاج لوزارة للسعادة؟.

 

تنويرة: نحن من نصنع قيودنا بدليل الساعات التي نحملها معنا وننظر فيها كل دقيقة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية