العدد 2945
الأحد 06 نوفمبر 2016
banner
صبراً يا عراق
الأحد 06 نوفمبر 2016

قبل الحديث عن تحرير الموصل، وقبل الحديث عن طرد داعش من الموصل كما جرى الأمر المشابه في الأنبار وتم على حد زعمهم تحرير الأنبار، هذه الخدعة الكبرى التي تديرها إيران وأميركا والطغمة الخُمينية الحاكمة في العراق، فمن سمح لداعش باحتلال الأنبار والموصل؟ ومن سمح لهم بتحريرها؟ إن ما يجري في الموصل لعبة لاحتلالها من جديد ولكن من قبل الحرس الثوري الإيراني بعد تسليمها لداعش، ومن ثم الادعاء بتحريرها، حتى هذه اللعبة المكشوفة انطلت على العرب في هذا الزمن الدمر؟

قبل الحرب على العراق انقاد أكثر العرب إلى الدعوة لتدمير القوة العراقية خلف المشروع الأميركي البريطاني حينذاك الذي كان يرى أن الانتقام من العراق لا يتم إلا بتدمير الجيش العراقي والروح الكامنة في الإنسان العراقي من خلال إزالة مكون بشري وإحلال مكون بشري آخر تمثل في الأحزاب الخائنة المقيمة في الخارج بين إيران ولندن وواشنطن، تماماً مثلما المجموعات الخائنة المقيمة حالياً في هذه الدول وتعمل ضد البحرين، غير أن العدوان الغربي على العراق ساعتها وإسهام بعض الدول العربية في دعم هذا المشروع للأسف الشديد هو الذي ندفع ثمنه اليوم دولاً وشعوباً، فقد كانت البداية الإطاحة بالعراق وما إن تم لهم هذا حتى تلاحقت المشاريع التي تحالف فيها الخونة من كل بلد عربي ضد أمتهم، وهذا ما حصل في كل الدول التي تعرضت للتقسيم والتمزيق ومازال المشروع قائماً، وهذا ما يستدعي الالتفاف حول بعضنا ودعم دول مجلس التعاون الصامدة في المواجهة مع هذه المشاريع التدميرية.

وحتى تكون هناك عودة تصحيحية للأوضاع العربية الطبيعية لتستعيد الشعوب العربية كياناتها الممزقة والمهددة لابد من العودة للجذور، وهناك يتم علاج المسألة، وفي رأيي لن تستقيم الأمور إذا لم يستعد العراق - الذي يشكل خاصرة المنطقة والحاجز الداعم ضد التهديد الفارسي - مجده العربي ويعود لحضن العرب بعد أن يتخلص من الاحتلال الإيراني الذي يسعى لفرض الطابع الفارسي على العراق، وهو ما يجري الآن من خلال تغييره السكاني واللغوي والحضاري والعمراني وكل ما يجعل العراق ولاية فارسية.

من يقرأ تاريخ العراق ويستعيد مكوناته الرئيسية سيجد من الصعوبة بمكان إزالة أو تدمير تلك المكونات التاريخية المتمثلة في شعبه العربي وحضارته العربية ودوره ومحيطه الجغرافي، بل وجذوره ذات الامتداد في عمق الحضارة العريقة المتحررة منذ آلاف السنين من اللاهوت الديني المتعجرف "كالخمينية"، هل يصدق العقل أن بلد الآشوريين والبابليين والعروبيين في العصر الحديث تحكمه طغمة خمينية جاءت على ظهر دبابة أميركية وقمعت الملايين من الأحرار والشرفاء بدعم من الجيوش الغربية المحتلة، ثم أتت إيران بعد أن مهدت أميركا وبريطانيا الطريق للميليشيات الإيرانية ثم الحرس الثوري الإيراني حتى تم لهم الاحتلال الكامل اليوم للعراق، وهو ما يتعارض مع العقل والمنطق، فهل يتصور من يتصور أن يستمر هذا الشيء المخالف لطبيعة قانون تطور الدول؟ وهل يقبل المنطق أن تحكم طغمة مدعومة بالدبابة الإيرانية شعباً كالعراق له امتداداته وجذوره في عمق التاريخ؟

إن عدم دعم الشعب العراقي ومساندته في تحريره من قيوده الحالية مسألة تدخل في دائرة الخيانة لشعب شقيق تم التخلي عنه، وهذا ما لم يغفره العراقيون الأحرار لأمتهم العربية التي تخلت عنهم كل هذه السنين منذ تم احتلاله.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية