العدد 2794
الأربعاء 08 يونيو 2016
banner
في العراق يتم تبادل الأدوار
الأربعاء 08 يونيو 2016

حين قلنا منذ البداية إن داعش هي صناعة مخابراتية معروفة، وكان الكثيرون يرون ذلك، لم نكن نفتري أو نتجنى على أحد، فكما تم استغلال حرب أفغانستان لصناعة القاعدة في ثمانينات القرن الماضي فقد تم استغلال ما حدث ويحدث في العراق وسوريا لصناعة داعش، والتنظيمان يسيران في خط واحد وما يميز بينهما لا يتجاوز الفردية أو الشخصية القائمة على كل منهما والهدف من وجودهما، بالتالي فإن كان تنظيم الدولة هو صناعة غربية مخابراتية فلابد له من تحقيق الهدف الذي أنشئ من أجله.
أحد اهداف هذا التنظيم الجديد هو تغيير ديمغرافية بعض المناطق العربية في سوريا والعراق، أي تغيير تركيبتها السكانية عن طريق ما أطلق عليه الحشد الشعبي الذي تكون بمجرد احتلال تنظيم داعش مدينة الموصل وما حولها منذ عامين تقريبا، وكأن هذا الحشد تم تجهيزه وكانوا بانتظار سقوط أو إسقاط الموصل ليخرج للعيان، فتلك المناطق في الغرب والشمال العراقي والشرق والشمال السوري هي مناطق عربية صرفة لا شائبة فيها ومن المستحيل تغيير تركيبتها السكانية بالطرق العادية، أي بالإحلال البين العلني كونه مرفوضا دوليا في صورته الظاهرة، لذلك يجب التحايل عليه واستخدام وسائل ملتوية للوصول لهذا الغرض.
ليس ما يسمى بالحشد الشعبي فقط ولكن هناك على الجانب الآخر من المعادلة توجد قوات كردية تم إنشاؤها لنفس الغرض في الشمال السوري والعراقي لتُكَوِّن مع الحشد كماشة تطبق على تلك المناطق العربية بعد تنظيم الدولة الذي ربما بدأ يستنفد غرضه أو في طريقه لاستكمال الغرض منه.
هي عملية تبادل أدوار مرسومة مسبقا بين هذه الأطراف والهدف منها هو تلك المناطق العربية في سوريا والعرق، فاحتلال الموصل وباقي المناطق العربية في العراق ومعها سوريا تم من قبل تنظيم الدولة بسرعة غريبة وغير مفهومة عسكريا، فالقوات المسؤولة عن تلك المناطق وبالذات في العراق تركت مواقعها وقيل إنها فرت منها خوفا من قوات التنظيم، أما الحقيقة فهي أنها تركت تلك المناطق عمدا ليحل بدلا منها التنظيم ثم بعد ذلك تأتي ما أطلق عليها عملية التحرير، ولكن هذه العملية الأخيرة تكون عن طريق القوتين اللتين تحدثنا عنهما مسبقا وهما الحشد الشعبي والقوات الكردية.
في عملية التحرير يتم إخراج السكان من تلك المناطق بحجة الخوف عليهم ولكنهم بعد ذلك لا يعودون كما كانوا بل يمرون، فمنهم من يتم قتله بطريقة وحشية كما شاهدنا من قبل وأخيرا في الفلوجة في عملية انتقام غريبة يمارسها الحشد ومعه الأكراد وكأن هؤلاء العرب هم المسؤولون عما مر به كل منهما، ثم تبدأ العملية الأخرى وهي منع الكثيرين من العرب من العودة إلى مناطقهم ومنازلهم بحجة وجود أفخاخ وضعها التنظيم قبل خروجه من تلك المدن والبلدات، أي اننا نمر بعملية تقليل عدد أولئك السكان عن طريق التصفية الجسدية ثم عن طريق الطرد من المنازل، والعمليتان تصبان في تغيير التركيبة الديمغرافية لتلك المناطق.
هي عملية تبادل للأدوار واضحة وجلية يقوم بها النظام في العراق وسوريا، حيث تتواجد قوات النظام في المناطق العربية، ثم تتركها فجأة ليحل محلها تنظيم الدولة الإسلامية الذي يستقر بها ردحا من الزمن، بعد ذلك تتم عملية تمثيلية مفادها تحرير تلك المناطق من قوات التنظيم ليحل محلها الحشد الشعبي والقوات الكردية والنتيجة هي كما قلنا ان تتغير تركيبة تلك المناطق السكانية، والخاسر في كل ذلك هم عرب البلدين الذين يعانون دون نصير، أما القانون الدولي فهو بيد من صنع داعش ومول الأكراد لهذه المهمة غير الإنسانية، أليس كذلك... الله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية