العدد 2774
الخميس 19 مايو 2016
banner
منع رجال الدين من المشاركة في الجمعيات السياسية... قرار حكيم
الخميس 19 مايو 2016

لا أدري سبب الرفض والزعيق والصراخ من قرار منع رجال الدين من المشاركة في الجمعيات السياسية وتبوء مناصب قيادية فيها، فتجاربنا السابقة حيال هذه القضية تتطلب من الدولة اتخاذ إجراءات حاسمة وعلى محمل الجد، وكل الآراء المبعثرة التي أوردها المعارضون خصوصا ممن كان يستغل المنبر الديني في التحريض على الإرهاب والترويج للفوضى والتخريب بصوره الكاملة آراء غير مفهومة وناقصة ولا توجد صلة لها بالواقع. البحرين تعرضت لأخطار جسيمة بسبب الفهم الخاطئ لحرية الفرد والديمقراطية، فبعضهم جعل من هذه الحرية “رجعية” وباشر ضغطه وإرهابه على الوطن وقام بتزييف مروع من على المنبر الديني وأخذ يناقش قضايا سياسية دون خوف ويقف ضد القوانين ومؤسسات الدولة وفي نهاية الأمر يقولون لك إنها الحرية الكاملة والسليمة وهذا المنبر هو منبع لتحقيق الأهداف السامية النبيلة وترسيخ القيم الخيرة!
المنبر الديني لا يتفق إطلاقا مع الجمعيات السياسية فكلاهما يعيق الآخر عن التحرك لتلبية المهمات المطلوبة، وللأسف في البحرين تم استغلال المنبر الديني لتحقيق المزيد من المنافع الشخصية والسياسية على حساب مصلحة المواطنين، حيث كانت بعض المنابر واجهات مزيفة للتحدث في أمور الوعظ والارشاد والقوالب المفبركة الجاهزة، وسرعان ما اكتشفنا الزيف الكبير وقدرته الفائقة على التأثير على العقول ومن ثم الإساءة للوطن والدين والمجتمع ككل. القضية لا علاقة لها بحرمان رجال الدين من ممارسة حقوقهم القانونية واهتمامهم بالشأن العام كما يقولون، إنما الابتعاد عن التزوير المكشوف والمحافظة على سمعة المنبر الديني وتصويب الاوضاع، فقد اختلط عندنا الحابل بالنابل وأصبح كل رجل دين موظفا في جمعية سياسية ومرتبطا بها لهدف واضح، ينساق الى الجهات التخطيطية او المسؤولة بدل ممارسة دوره في التوعية، بل رفض هذا الدور وأصبحت مهمته تعميم المفاهيم السياسية وترسيخ ممارسة الانقلاب على الدولة والوقوف في وجهها وفتح الابواب الواسعة للتدخلات الأجنبية.
البحرين بلد معروف بصيانة الحريات العامة بمختلف أشكالها وكل مؤسسات المجتمع المدني الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والرياضية تؤدي دورها بالشكل المطلوب في تطوير المجتمع، ولكن التناقض مرفوض لأنه يسير ضد مصالح الوطن وبناء مستقبله، فرجل الدين ليس من اختصاصه العمل السياسي والدوران في فلك الآخرين. هذا ما نرفضه رفضا مطلقا والأحداث التي شهدتها البحرين في السنوات الاخيرة جعلتنا نؤيد بقوة قرار منع رجال الدين من المشاركة في الجمعيات السياسية وكل من يعترض فهو حتما يريد التضليل والتمييع من اجل مصلحة ما ويسعى ان تكون البلد مبعثرة الأوصال.
أصحاب المنافع والمصالح هم من يعترض على هذا القرار فهم يريدون أن يفقد المنبر الديني معناه الحقيقي ويكون طريقا إلى الانحراف والتشدد وبالتالي يخل من تماسك المجتمع. القرار سيمنع اتجاهات سلبية ومن أخطر المفاهيم والشعارات  الخلط بين الدين والسياسة، والذين يعملون في هذين الخطين معا لا يعملون من اجل الوطن والمواطنين وإنما يعملون لمبادئ انتمائهم السياسي وهذا انحراف خطير لا نقبله.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .