العدد 2521
الأربعاء 09 سبتمبر 2015
banner
ماذا بعد اتحاد الدم الخليجي؟ أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأربعاء 09 سبتمبر 2015

بعيداً عن العواطف لنواجه الواقع اليوم قبل فوات الأوان.
على غرار النزول على النورماندي الفرنسية للقوات البريطانية والأميركية والفرنسية في المنفى لبداية تحرير فرنسا من الاحتلال النازي، كان الضحايا الذين سقطوا هناك في يومها علامة فارقة سجلها تاريخ الحرب العالمية الثانية، ومازالت مقابر جنود النورماندي مزارا لكل الشعوب الغربية لأن تلك المعركة خلدت وجسدت التلاحم الأوروبي بل الإنساني والحضاري في مواجهة النازية التي أرادت ابتلاع الدول والشعوب من أجل إشباع أطماعها القومية المريضة، وما أشبه الليلة بالبارجة رغم فارق الزمان والمكان، فالجشع واللعب بالنار الفارسي لا يختلف عن لهو النازية مع فارق الحجم والقومية، فكل هذا الصراع والتوتر ما هو إلا حرب إيرانية في النهاية على دول مجلس التعاون وشعوبها لإخضاعها للحلم الفارسي بالامبراطورية الصفوية.
وبعيداً عن العواطف والمجاملات في هذا الوقت الذي نقدم فيه العزاء لأسر شهدائنا الذين ضحوا سواء في حرب اليمن وهي بوابة العرب والخليج العربي أو في الساحات الداخلية نتيجة الإرهاب الإيراني الذي تنفذه الخلايا والجيوب الإيرانية في الداخل كما حدث في البحرين والكويت والسعودية، فإنها في النهاية حرب واحدة على الصلف والغرور والأطماع الإيرانية وهذه الرسالة للجميع، لا تأخذكم العاطفة اليوم في زحمة تكريم شهدائنا الأبرار الذين ضحوا فإن التكريم الحقيقي والتاريخي لهم هو بتحقيق حلمهم بعد وحدة الدم في الوحدة الحقيقية بين دولهم وشعوبهم وهي الفرصة التاريخية التي لن تتكرر وهي مسؤولية في عنق القادة ان كان لهم فعلاً دين في أعناقهم لدماء الشهداء الخليجيين الأبرار.
إن نهوض وتقدم أوروبا وقوتها لم تأت إلا من تلاحم الدول والشعوب إثر الصراع مع النازي، فقبل ذلك كانت التناقضات والخلافات بل والحروب بين تلك الدول واختلاط الدم هو الذي وحد تلك القارة، واليوم أمامنا مسؤولية تاريخية إن كنا حقاً مخلصين للدماء الزكية التي سالت على أرض اليمن التي هي كانت أرض النزال الحقيقي بين دول مجلس التعاون والطامع الإيراني الذي قرر خوض حربه على أرض مأرب وتعز تمهيداً لخوض حربه على أرض الكويت والبحرين والسعودية وقطر والإمارات حتى عُمان للذين ظنوا غير ذلك، من هنا على الجميع مسؤولية تاريخية في ألا يركنوا للاسترخاء بعد الشهادة لجنودنا وألا تفتر حماستهم لوحدتنا الخليجية ويعتقدوا أن تحرير اليمن وهو آت لا ريب فيه نهاية المعركة، إن انتصارنا في اليمن وهو محقق بإذن الله بداية المعركة الحقيقية مع الصلف الإيراني وعقدته في الامبراطورية الفارسية التي لن ترى النور بفضل وحدة دولنا وشعوبنا.
اليوم وفي هذه الساعة المجيدة من الصراع مع الأطماع، سجل الأمس بحروف من نور ملحمة من ملاحم اتحاد الدم في سبيل صد وقبر الأطماع الفارسية في أرض العرب، جنودنا الخليجيون من الإمارات الحبيبة والسعودية الأم والبحرين الغالية، شهداؤنا هم إن شاء الله بذرة الاتحاد الخليجي وأنا هنا أخاطب القادة في مجلس التعاون وبكل صراحة وبعيداً عن الحماس العاطفي الذي قد يقال بسبب أرواح الشهداء تأتي هذه السطور في فورة عاطفية، لا... أخاطب القادة الخليجيين من القلب والعقل والمسؤولية التاريخية، بعد اتحاد الدم الخليجي، عليهم بالاتحاد والبدء فيه انطلاقاً من وحدة الدم، ما الذي عليهم أن ينتظروه؟ أن تنفرد إيران بالبحرين أو السعودية وأنى لها ذلك؟
المعركة يا سادة مع إيران أو حتى مع الغرب الذي لا تهمه سوى مصالحه معركة طويلة وشاقة وصدقوني لا يمكن لكل دولة على حدة مواجهة تلك الأطماع والمؤامرات، وهذه الحقيقة يدركها القادة الخليجيون أنفسهم فما الذي علينا انتظاره؟ لقد انتظرنا للأسف أن تحتل إيران اليمن فحدث وصعبت المسألة، هل ننتظر حتى تضرب في مكان آخر؟
أفيقوا واستيقظوا، ها هم شهداؤنا الأبرار من الإمارات والسعودية والبحرين يسطرون ملحمة تاريخية في البطولة رغم الخيانات والمؤامرات التي حيكت وفي أعناق القادة دماء هؤلاء الشهداء سوف يطالبوننا حكاماً بالإسراع في الوحدة ويطالبوننا كشعوب بترك اللهو والعبث والجري وراء المظاهر والترف بالعمل والإنتاج وتحقيق الذات حتى نرى أرض الخليج العربي الفائزة بإذن الله.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .