العدد 2416
الأربعاء 27 مايو 2015
banner
من البحر إلى البحر الله معكم! أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأربعاء 27 مايو 2015

في الأوقات الصعبة، وعند وجود ضائقة مالية لأي دولة في العالم، نجد المؤسسات المالية القوية ذات الربحية تسند الدولة وتساعد في حل أو على الأقل المساهمة في تخفيف الأعباء عن الدولة أو مواطنيها، وهذا ما يدفعني لإثارة السؤال الذي ظل هاجسًا لدي منذ فترة طويلة رأيت فيها ما جنته مشروعات ضخمة مثل شركات أمواج وديار المحرق ودرة البحرين وغيرها ممن توفرت لها منذ البداية التسهيلات الفائقة والخدمات التي تكاد لا تحلم بها من الدولة، هذه الشركات بماذا أسهمت منذ تأسيسها وحتى اليوم في دعم المواطن وماذا قدمت من تبرع أو مساهمة أو جهد مقابل ما جنته من أرباح طوال هذه السنوات.
نحن نعرف والكل يعرف حجم التسهيلات والدعم والأراضي والخدمات وغيرها مما ساعد هذه المشروعات على النجاح والتفوق ومن ثم الربح، وهو أمر لا نحسدها عليه؛ بل سرّنا نجاح مشروعات وطنية بحرينية، فهو يفترض أن يكون نجاحها داعمًا لخطة الدولة ونجاحها، ولكن أظل أسأل ماذا قدمت هذه المشروعات للمواطن البحريني ذوي الدخل المحدود؟ وبماذا أسهمت على الأقل في موضوع السكن غير الفلل والشقق وما رافقها من مشروعات جانبية تدر الملايين؟، بارك الله لهم فيها وهذا يجرنا، ماذا استفادت المحرق مثلاً؟ وبماذا استفاد أهلها من مشروعات كهذه؟ غير أنهم فقدوا متنفسهم البحر الذي ضاق بهم ولم يسمح لهم حتى بمجرد التجوال في تلك المناطق التي صارت حكرًا على من يمتلكها.
المهمة الصعبة والوطنية الملقاة على الشارع  المالي البحريني هو تحمل المسئولية الكبرى في الإسهام بإعادة الوضع الاقتصادي والمالي إلى طبيعته بعد المحنة التي مررنا بها والتي وضعت البحرين على المستوى المالي والاقتصادي أمام أخطر تحد يواجهها في تاريخها الحديث، فقد كان اقتصاد البلاد قبل هذه الأزمة من أقوى اقتصاديات المنطقة خاصة بعد الأزمة المالية التي مرت بالعالم، ورغم أن تلك الأزمة التي قد ألقت بظلالها على الجميع في العالم وفي المنطقة فإن البحرين كانت من الدول القلائل التي تمكنت من الإفلات من تداعيات الأزمة المالية العالمية، وهذا بفضل الوضع المالي المتين للبلاد وبفضل السياسة المالية المتوازنة التي كانت تنتهجها البحرين بقيادة سمو رئيس وزرائنا حفظه الله الذي بحكمته حفظ للبلاد توازنها، ولولا الأحداث الأخيرة التي تسببت فيها القوى الخارجة على القانون ومن وراءها من أجندات خارجية، لما تعرض اقتصاد البحرين لهذا التحدي، ومن هنا لابد من وقفة مع رجال المال والأعمال الوطنيين ومشروعاتهم الذين نهلوا ثرواتهم وأرباحهم خلال فترة جني الثمار، ومن خلال استفادتهم من كل التسهيلات التي قدمتها الدولة لهم أن يقفوا اليوم مع الوطن الذي يتعرّض وما زال إلى الكثير من المخططات على الصعيد الاقتصادي من أجل إضعاف الدولة اعتقادًا منهم أن إضعاف الاقتصاد هو مقدمة لإضعاف الدولة ومن هنا على القطاع المالي والتجاري الوطني أن يكشف عن معدنه.
الآن، حانت ساعة الوقوف مع الوطن لا بالكلام بل بالفعل والعمل ورد الجميل الذي عليهم للدولة التي قدمت لهم كل التسهيلات طوال السنوات الماضية.
إنّ القطاع المالي إن لم يتحرك الآن فلا فائدة من وجودهم فيما بعد حينما تستعيد الدولة كامل وضعها الطبيعي، فهل ننتظر أن يطلب منهم أحد ذلك؟ وهم أدرى بما يحتاجه المواطن من دعم ومساندة، لماذا تتحمل الحكومة وحدها كل تلك الأعباء وهناك مشروعات في البلد تملك إمكانيات بحجم إمكانيات الحكومة ولا تتحرك وتساهم على الأقل في بناء الوحدات السكنية لذوي الدخل المحدود مساهمة منها مع الدولة، نريد أن نرى موقفهم الوطني فعليًّا على الساحة حتى لو على الأقل السماح لمن كانوا ذات يوم ينعمون بالبحر واليوم فقدوه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .