العدد 2360
الأربعاء 01 أبريل 2015
banner
ليس سهلاً تحقيق الانتصار... لكن الأصعب ما بعده أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأربعاء 01 أبريل 2015

نعم... ليس أمراً سهلاً أن نحقق الانتصار، لكن الأصعب أن نعرف كيف نتصرف بعد الانتصار، من منا لم يشعر بالارتياح لما حققته الحملة الخليجية على الخارجين على القانون والمصلحة العربية في اليمن؟ من منا لم يكتب ويرحب بالضربة الحازمة الخاطفة التي أفقدت إيران توازنها؟ من منا لم يسطر الكلمات والخطابات التي تؤذن بنهار جديد يشرق في سماء العرب بعد سنوات من البيات الشتوي الذي لم نذق طعمه منذ انتصار السادات في 6 أكتوبر؟ كل ذلك مشروع وحقيقي وله طعم الانتصار منذ الوهلة الأولى التي أعادت الثقة والتفاؤل إلى سماء الشعوب العربية التي أصابها اليأس وفقدت طعم الأمن والاستقرار بعد أربع سنوات من ربيع الدم الزفت الذي استباح العالم العربي ومزق الدول العربية وشعوبها تحت مسمى الثورات والانتفاضات والديمقراطيات الدمرة، من منا لم ينزو في كهف ويلعق جراحه بعد ضياع العراق وسوريا واليمن ولبنان العربي طبعاً لذلك جاءت اللحظات الأولى لعاصفة الحزم لتسكب على نفسية المواطن الخليجي والعربي عموماً نهراً بارداً من السكينة والفرح والثقة بدولنا وشعوبنا مما أثبت قدرتنا على الانتصار، الذي أجزم بأنه قبل ساعة فقط من الرد كانت ثقة المواطن الخليجي والعربي “زيرو” ولن يصدق لو ان أحدا رسم له السيناريو الذي حصل.
لكن السؤال ماذا بعد الانتصار؟
لا أريد ان افقد طعم الثقة بما تحقق ولكن قبل الاكتفاء بهذا النصر وبعد مشروعية الفرح والسعادة بما تحقق لابد من استحقاقات قادمة وإلا لن يكون للنصر الذي تحقق مذاق طويل.
الآن كيف نستثمر ما حدث؟ كيف نواصل زخم الانتصار ونجعله متواصلاً وثابتاً وحقيقياً ويصب في البعيد
“الاستراتيجي” وليس القريب التكتيكي؟
أول خطوة في رأيي المتواضع هو حماية الجبهات الداخلية من اختراق الطوابير الخامسة في دول مجلس التعاون وأنتم تعرفونها وهي جيوب إيران وحزب الله التي ابتلعت اليوم السم وغصت بما تحقق لكنها لن تتوانى عن تحين الفرصة وترتيب وضعها واستتغلال الثغرات هنا وهناك في المنطقة للعودة من النافذة بعد ان سكرت الأبواب أمامها والحقيقة أن هناك جيوبا مزروعة في البحرين وشرق المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وبالطبع في الكويت وقطر تحاول استعادة أنفاسها ولاشك أن ايران الآن غير مكتفية بالصمت رغم صدمتها الشديدة وهي تعد لفتح ثغرات في بعض المناطق كالكويت لتعيد ولو بشكل نسبي الثقة التي تزعزعت لدى جيوبها وطوابيرها الخامسة في المنطقة، من هنا الحذر واليقظة والانتباه من قبل الحكومات والشعوب في المنطقة حتى لا نؤخذ على حين غرة في غمرة نشوة الانتصار لأن وجود الجيوب المعادية في داخل نسيج مجتمعاتنا أمر واضح وجلي وما عليكم سوى قراءة التغريدات والمقالات التي تنفس عن حقدها ضد كل ما هو عربي يحاول استعادة مكانته القومية.
من يستمع لتصريحات وتخريجات وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري وحقده الدفين ضد كل ما هو خليجي وعربي وقهره الذي لم يستطع إخفاءه بعاصفة الحزم يتأكد أن الحديقة الخلفية للخليج العربي بها ثغرة كبيرة جدا تشكل خطراً على المنطقة ولابد من استعادة العراق العربي لسد تلك الثغرة، لذلك أقول إن الانتصار ليس سهلاً لكن الأصعب ما بعد الانتصار وكيفية تأصيله واستمراره ورفع وتيرة زخمه، فانتصار الشعوب الأوروبية على النازية الألمانية استغرق أربع سنوات والانتصار على الفاشية الإيرانية يحتاج لنفس طويل وقوي وواع ويقظ.
لذلك أتمنى من نخبنا السياسية وكتابنا وصحفنا وإعلامنا في غمرة الاستمتاع بنشوة النصر وهي رغبة مشروعة بعد أن فقدنا الثقة سنوات طويلة في قدراتنا الخليجية والعربية، ألا نتمادى في هذا الشعور، لأن مسؤوليتنا تحتم الانتباه واليقظة والحذر والتأكد من أن عدونا الداخلي وهو واقع موجود وعدونا الخارجي لن يتوقفا عن حياكة المؤامرات والاستسلام بسهولة لأول هزيمة تلحق بهما، وأول خطوة في هذا الشأن تقوية الجبهة الداخلية في كل بلد خليجي وعربي، وعن البحرين لابد من وقف العنف والإرهاب ووضع حد للاستهتار بالأمن والاستقرار، وهي مسؤولية الدولة اليوم قبل الغد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية