في ربيع عام 2001، وبين أروقة معهد الدراسات العربية والإسلامية في جامعة إكستر البريطانية، التقيت بشاب خليجي مهذّب استأذنني ليسأل عن مكتب عميد الدراسات العربية. كان ذلك اللقاء العابر بداية لصداقة راسخة مع الدكتور علي بن تميم، الذي قدم إلى الجامعة لجمع مادة علمية تسعفه في مشروع رسالة الدكتوراه التي كان يعمل عليها في جامعة اليرموك الأردنية. خلال ثلاثة أشهر قضاها معنا، كشف عن سعة عقل موسوعي، ونقد دقيق، ومنطق ذهن لافت.
ولد ابن الامارات الأصيل الدكتور علي بن تميم في الإمارات عام 1973، وتخرج في جامعة الإمارات العربية المتحدة بدرجة البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، ثم حصل على الماجستير من الجامعة الأردنية عام 2001، وأكمل الدكتوراه في النقد الأدبي من جامعة اليرموك عام 2005. منذ ذلك الحين، أصبح من أبرز الأسماء الثقافية في دولة الإمارات.
أهداني لاحقًا أول مؤلفاته "السرد والظاهرة الدرامية"، وهو كتاب أنيق في لغته، عميق في تحليلاته، يستعيد الدراما من قلب السرد العربي القديم. ومن عجائب المصادفات، أنني وهو تخرجنا (2005) في ذات العام من جامعتين مختلفتين، ثم تقابلنا مجددًا في دبي، لنحتفل بذلك الإنجاز معًا.
لم يكن هذا المشترك الوحيد بيننا؛ علي بن تميم انطلق من أرضية اللغة واللسانيات الاجتماعية (سوسيو-لنغويستيك)، ليعبر منها نحو ميادين الثقافة والسياحة، في حين أنني انطلقت من الأنثروبولوجيا لأصل إلى عوالم التراث والسياحة. كلانا التقى في منتصف الطريق، حيث تتقاطع اللغة بالهوية، والسرد بالذاكرة، والثقافة بالتنمية السياحية.
اليوم، يرأس الدكتور علي بن تميم مركز اللغة العربية في أبوظبي التابع لدائرة الثقافة والسياحة، ويشغل منصب الأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، بالإضافة إلى رئاسة تحرير مجلة "المركز" للدراسات العربية الصادرة عن دار بريل، والتي تُعد أول مجلة أكاديمية مُحكّمة باللغة العربية تصدر عن هذه الدار العريقة.
وقد شغل عدة مناصب ثقافية ومؤسساتية بارزة، أبرزها: إدارة مشروع "كلمة" للترجمة الذي نال جائزة خادم الحرمين الشريفين العالمية للترجمة، ورئاسة مجلس إدارة جامع الشيخ زايد الكبير، والمشاركة في مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، فضلًا عن تأسيسه لتخصص "المرأة والثقافة" في جامعة الإمارات، وموقع "24" الإخباري.
ولعل أبرز ما يميز مسيرة الدكتور علي هو انتقاله الواعي من الثقافة بوصفها خطابًا نخبوياً إلى الثقافة بوصفها منظومة جذب سياحي وهوية حضارية متاحة للعالم. إنه يُعيد اليوم تعريف العلاقة بين اللغة العربية والسياحة الثقافية، بوصف اللغة ليست فقط وعاءً للمعرفة، بل جسرًا نحو الفهم المتبادل، والانفتاح على الزائر، وتقديم صورة حضارية متكاملة للإمارات والمنطقة.
بهذا الحضور المزدوج — الثقافي والسياحي — يواصل الدكتور علي بن تميم أداء دوره كأحد رموز النهضة المعرفية في الخليج، مساهماً في تعزيز مكانة السياحة الثقافية كركيزة من ركائز التنمية المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
اخصائي تراث وسياحة
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |