مرّ عقدان من الزمان على مجلس النواب الموقر، وحرص أغلب النواب، عبر كل المجالس النيابية، على أن يكون المواطن محور مداخلاتهم وسعيهم لتوفير الحياة الكريمة، من خلال سن التشريعات، وتقديم الاقتراحات، ومطالبة الجهات التنفيذية، وأحيانًا الضغط عليها. وكان أكبر هاجس لديهم هو تقليل نسبة البطالة وإعطاء الأولوية لأبناء البلد، وهذا أمر طبيعي في كل دول العالم، فالمواطن هو الخيار الأول، ولم تكن هذه بدعة ابتدعها النواب البحرينيون.
في الآونة الأخيرة، طالب بعض النواب بإحلال المواطن في الوظائف التي يشغلها الأجانب في القطاعين العام والخاص، والتي لا تتطلب مؤهلات جامعية. وهو طلب، في اعتقادي، معقول، غير أننا نطالب بأن يطبق على جميع المستويات التعليمية، وذلك للحفاظ على اقتصاد البلاد ودعمه، حيث إن أحد أركان أي بناء اقتصادي هو تأهيل أبناء الوطن وتوظيفهم، والتركيز على تصفير البطالة، لما لذلك من دور في تعزيز النسيج الاجتماعي، والحفاظ على الثروة البشرية والطاقة الشبابية، التي يمكن أن تخدم البلاد في كل مجال يشغله الأجنبي اليوم.
اقتراح نال استحسان الشارع البحريني واتحادات عمال البحرين، وتنفس العاطلون الصعداء، حيث سينعكس عليهم هذا القرار بحل مشكلة الإحساس بالعبء على الأهل والمجتمع، كما سيخفف عن ولي الأمر المتقاعد، الذي يقتطع من راتبه التقاعدي المتهالك لمصروف أبنائه العاطلين. كما أن هذا المقترح أو المطالبة سيسهم في دفع عجلة الاقتصاد، وحل قضية البطالة، وحماية المجتمع من آثارها النفسية، إلى جانب مساعدة ولي الأمر المتقاعد، ولو بشكل غير مباشر. ومع ذلك، نجد أن هناك مؤسسات ترفض هذا المقترح وتقف حجر عثرة أمام تحقيقه، فهل ذلك لحماية مجتمعها الفئوي الخاص؟ أم أنها مشورة سلبية تخلُّ بأمن المجتمع وتماسكه، وتعطل التنمية الاقتصادية للبلاد؟
كان رد إحدى المؤسسات أنها "تعارض خارطة طريق قمنا بإعدادها"!. في الحقيقة، كان هذا الرد مفاجئًا لي، فأي خارطة وأي طريق يتحدثون عنه؟ وهل تم اطلاع مجلسي النواب والشورى والحكومة عليه؟ ماذا عن الصحف المحلية، هل تناولت هذا الخبر؟ وهل تمت مناقشته حتى لو على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي؟
نحن أمام مشكلة كبرى وهي ارتفاع نسبة البطالة على جميع المستويات التعليمية، ونحن أمام بوابة مشاكل نفسية يجب صدها الآن دون أن ننتظر ليوم الغد. عندما نتحدث عن خارطة طريق، يجب أن نصل بها إلى حلول جذرية وتصفير البطالة، مع تكثيف الرقابة على توظيف الأجانب دون الحاجة الفعلية، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك. نحن لسنا ضد الاستفادة من الخبرات الأجنبية، ولكن لا ينبغي أن نتخذ ذلك حجة لتفضيل الأجنبي على المواطن. إذا كان هناك خارطة طريق، فيجب أن يكون طرفاها الرقابة والمحاسبة، وأن يكون الهدف النهائي هو خدمة المواطن وحل مشكلة البطالة المرتفعة.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |