كثيرة هي النِعم التي يحظى بها الإنسان في الحياة الدنيا وتجعله يعيش في سعادة غامرة، ومن أهمها نعمة انجاب الأبناء، لأنهم زينة الحياة الدنيا كما قال الله سبحانه وتعالى (الْمَالُ والبَنُون زِينَةُ الحياةِ الدُّنيا)، كما عدهم نعمة عظيمة وجعلهم قرة أعين (وَالَّذِين يَقُولونَ رَبنَا هَبْ لَنَا مِن أَزواجِنَا وذُرِّياتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)، وعندما يزرق الله الإنسان بهذه الهبة العظيمة فإنه يريد أن يكون لها دور في عمارة الأرض، دور يسهم في تطور المجتمع، لذلك فإن شكر الانسان على هذه النعمة أولا يكون بحسن التربية، والتعليم والإعداد الجيد ليكون إنسانا فاعلا في مجتمعه.
إن الأطفال في مرحلة التنشئة في أمس الحاجة لرعاية واهتمام الوالدين ليس في توفير المال ووسائل الترفيه والراحة الأهم من ذلك هو حفظ أمنهم الشخصي في ظل تحديات كبيرة وخطرة بسبب التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي وأجهزة الحاسوب المرتبطة بالإنترنت والمفتوحة مع كل العالم وفي كل المجالات، فالعالم الافتراضي ليس آمنا كما يعتقد البعض والآن مع التطور الكبير في الجرائم الالكترونية وظهور معضلة الابتزاز الالكتروني، والسرقة الالكترونية، والتهديد الالكتروني وكل أنواع الجرائم العابرة للقارات، لذلك أصبح أبنائنا الصغار في خطر عظيم، من هنا تظهر بوضوح شديد مسؤولية الأسرة، ونتذكر في هذا المجال حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
إن الجهات الرسمية المعنية في مملكة البحرين من حيث مسؤوليتها تجاه كل أفراد المجتمع والأطفال بشكل خاص قامت بتأسيس المركز الوطني للأمن السيبراني، الذي يضم الخُبراء في مجال الأمن السيبراني والحاصلين على شهادات ودورات متخصصة في مجال أمن المعلومات، ذلك لخلق مجتمع لذوي الاختصاص يُمكنهم من التواصل ومشاركة المعرفة، وحفظ أمان المواطنين في كافة الجوانب التي يأتي منها الخطر، وهو ما يشير إلى أن الدولة قامت بواجبها في حماية الأمن الالكتروني للمواطنين بل وضعت كل احتياطاتها الأمنية والمعرفية من أجل تعريف الناس بهذه الأخطار الحديثة، اليوم عندما نتحدث عن الابتزاز الالكتروني نعني به الاستدراج الإلكتروني، هو محاولة شخص عبر الإنترنت من بناء علاقة مع أي شخص قاصر لخداعة أو ممارسة الضغط النفسي عليه، للقيام بشيء قد يؤذيه أو يهدد سلامته (الاستغلال).
ومن هنا نقول أن القاصر والبالغ هم الأكثر عرضة لخطر الاستدراج الإلكتروني، القاصر والبالغ قد يتعرض لخطر الاستدراج الإلكتروني، بغض النظر عن العمر أو الجنس أو البلد، وبما أن الجانب الرسمي قد أولى هذه المسألة الأهمية القصوى يتبقى لدينا دور الأسرة في تدعيم الأمن السيبراني لدى أبنائها لمواجهة جريمة الابتزاز الالكتروني، فدور الأسرة كبير يبدأ منذ ولادة الطفل الذي ينبغي أن يعيش في مأمن من الناحية النفسية بعيدا عن الخلافات الأسرية، لأن الاسرة التي تعاني من الخلافات وبالتالي غياب الرقابة والتفكك الاسري والاهمال، غياب الترابط والمحبة بين افراد الأسرة وغياب الاحتواء العاطفي، كلها أسباب قد تؤدي إلى وقوع الأطفال في عمليات الابتزاز الالكتروني، فالأسرة التي تعاني من الخلافات والمشاكل تكون في الغالب ليس لها وقت لحماية اطفالها من الابتزاز.
المطلوب تدعيم الأسرة للأمن السيبراني للأطفال لحمايتهم من خطر الابتزاز الالكتروني، وفي ذات الوقت لابد من تكثيف الدور الإعلامي المستمر بتنمية الثقافة الأمنية حول إجراءات السلامة الرقمية لأولياء الأمور حتى يتمكنوا من نقل هذه المعرفة إلى أبنائهم، والمهم أيضا الاستفادة من حسابات التواصل الاجتماعي المؤثرة في التوعية والارشاد وبطرق حديثة ومبتكرة غير تقليدية تحقق الهدف المطلوب وهو حفظ الأطفال من خطر الابتزاز الالكتروني.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |