العدد 5674
السبت 27 أبريل 2024
banner
محمد يوسف العرادي
محمد يوسف العرادي
متلازمة العشب الأخضر
الثلاثاء 12 مارس 2024

نتوق دائما للحصول على ما نحلم به ونسعى كل السعي للظفر بما نريد، وعندما نحقق ذلك نقف وقفة التأمل والتقييم لما حصلنا عليه، هل فعلاً نحن حققنا الرغبة المطلوبة والتي جاهدنا للوصول لتحقيقها؟

نحن البشر لا نرضي بظروفنا وطالما نسعى للحصول على المزيد، تحت حجج واهية قوامها بأن الحاجة الحالية لم تحقق رغباتنا الداخلية والمكبوتة ،ربما العقل يقول ان هناك شيء أفضل مما حققنا، وعلى أساس  تلك الفرضية نبي هرم حاجاتنا التي لا تنتهي، ونبقى نلف لنصل للنقطة الأولى من غير تحقيق الرغبات، على المستوى الاجتماعي تحركنا رغبات لا حصر لها، رغم اكتفائنا الاجتماعي الذاتي إلا أننا نرغب في المزيد مما حولنا، ولا نفتأ نتطلع إلى الآخرين ونطلق الاحكام بأنهم يحظون بحياة أفضل من حياتنا، وذاك يحظى بمحبة أكثر مما نحظى به، وذاك يعمل بمهنة أفضل مما أعمل، وأخر يعيش حياة أسهل من حياتي، حتى على مستوى الحاجات الاقتصادية فأننا نواجه وابل من قصف الرغبات المستمر، وهذا ما تؤكده الدعايات المبرمجة التي تستخدم كل الوسائل النفسية والصدمات الحسية من أجل خلق الحاجات الوهمية في عقول المستهلكين، خير مثال على ذلك هو متلازمة العشب الأكثر اخضرارا، وتقوم هذه الفرضية على ان هناك عشب أكثر اخضراراً على الجانب الآخر من السياج، فعادة ما يبدو لنا العشب من بعيد أجمل وأكثر خضرة، ولكن عند الاقتراب ندرك أنه ليس كذلك، ويمكن تفسير ذلك بأن العقل يعتمد على التخليق بمعنى انه يوّلد من الامر الإيجابي صور سلبية مغايرة له في عقولنا، فالعقل يعمل بصورة عامة بالأضداد، ولا تنفك عقولنا تلتقط الصورة وضدها، فعندما نمنع أمراً بقول لا فالعقل يخلق الضد وهي كلمة نعم، ولابد هنا من فهم الواقع بشكل جيد، وتحليله بشكل واقعي وعقلاني حتى لا نقع فريسة لمتلازمة ان هناك افضل مما لدينا ونعيش الأوهام وربما أودى بنا لتدهور حالتنا النفسية.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .