لازلت اذكر تلك الأيام حين امتلأت الشوارع بالمسيرات الصاخبة والأغاني الوطنية التي احتفلت بانطلاق عصر جديد للديمقراطية في البحرين الذي أرسى أُسسه وقواعده جلالة الملك المعظم وبتأييد شعبي بنسبة 98.4% في ملحمة تاريخية التفت حوله جميع طوائف ومكونات المجتمع، كانت ايام جميلة سُطرت بصفحات ذهبية خُلدت في تاريخ البحرين المعاصر وأشادت به جميع دول العالم وأثنت على حكمة القيادة الرشيدة في أخذ الخطوة الجريئة التي من خلالها انطوت النزاعات والخلافات السابقة نحو نظام سياسي ديمقراطي يستمد شرعيته وسلطته من إرادة الشعب ويتكفل بحرية الرأي والتعبير، ومن فينا لا يتباهى بالماضي الجميل حينما استبشرنا خيرا مع ولادة الجمعيات والتكتلات السياسية وخروجهم من رحم الحراك السياسي بعد الفرحة التي عمت ليالي زفاف بحريننا العروس والاحتفالات التي عمت في كل قرية ومدينة من أرجاء هذه الأرض الطيبة وبمباركة مباشرة من قيادتها الحكيمة.
إلا أننا اليوم نواجه حالة من اليأس الشعبي نستشعره في الرأي العام من خلال رصد التفاعل مع الحراك السياسي حيث أصبح الشارع غير متابعا للأحداث السياسية بنفس الشغف والتهافت عليه كما كان في السابق بل تجد ان اغلب احاديث المجالس والندوات تنحصر في النقاش عن المتطلبات المعيشية والخدمات الضرورية من دون التطرق للحقوق السياسية والتنازل عن الصلاحيات ومكتسبات المجلس او حتى المبادرة بالتواصل مع ممثليهم في قبة الشعب لايصال مطالبهم او رايهم بشكل رسمي يتكفل به الدستور وذلك بعد ان تلاشت الثقة بالنواب ومقترحاتهم التي ترفض بالجملة وكانها اصبحت تقدم لاثارة الرأي العام ودغدغة المشاعر والتي فاقمت الفجوة بين الأفراد وممثليهم في المجلس لدرجة ان المتابع أصابه الملل من النتائج العقيمة والمخرجات المتواضعة والتي لا تلبي اقل الطموح.
لقد وصلت حالة اليأس لدرجة أن البعض أصبح ينادي بإلغاء المجلس التشريعي والتضحية بأهم وأكبر مكتسب يمتلكه الشعب لتوفير ميزانيته واعادة توجيهها للمتطلبات المعيشية او الخدمات الاخرى وذلك من جراء تداول بعض المقاطع المصورة لمداخلات الغير مرحب بها من أعضاء مجلسي الشورى والنواب واصبح الشارع غير متابع ومكترث بما يدور في تفاصيل وأروقة المجلس ماعدا بعض المقاطع المقتطفة من المجلس والمتداولة بشكل متعمد لاثارة الرأي العام أو للسخرية والضحك! شخصيا لا استغرب من ردة فعل المجتمع تجاه السلطة التشريعية لأن حالة الغيبوبة التي وقعت بها اليوم كانت متوقعة بعد أن رصدنا المشاركة الخجولة للقوى السياسية في الانتخابات الاخيرة والتي لم يتعدى فيها عدد المترشحين من الجمعيات السياسية عدد أصابع اليد مقارنة بعدد المستقلين عديمي الخبرة والذي بوصولهم تشتت الجهود وأصبحت الأغلبية تغرد خارج السرب.
ومن هذا المنطق نتسائل كيف بإمكاننا إعادة تصحيح المسار بعد 5 دورات انتخابية؟ وماهي الدروس التي بإمكاننا الاستفادة منها لإعادة الزخم للحراك السياسي ورفع التفاعل الايجابي بين مختلف القوى السياسية؟ ألم يحن الوقت لاعادة تنظيم المستقلين وانخراطهم في الجمعيات والتكتلات السياسية لتحقيق تطلعات الشعب وكسب رضاهم وزيادة شغفهم للمتابعة والتفاعل؟!
نحن اليوم في أمس الحاجة الى تدخل جراحي لعملية قيصرية لولادة الأمل واعادة الروح الى الجسد النائم في الغيبوبة والتي قد تكون من خلال وساطة أهلية من أحد الأطراف المحايدة بين الجمعيات السياسية والمجتمع لتيسير تقبل الأطراف ووجهات النظر ومن ثم العمل على معالجتها.
بقلم: عبدالله مراد
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |