العدد 5695
السبت 18 مايو 2024
banner
احمد عبدالله الحسين
احمد عبدالله الحسين
يوم التأسيس.. وملحمية الدولة السعوديه
الثلاثاء 21 فبراير 2023

تحتفي المملكة العربية السعوديه بذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود المصادف 30/6/1139هـ /22/2/1727م. هذا اليوم بُذرت فيه سلالة الحكم وملحمية التجذر، وسردية التاريخ والاحداث التي تُوجت لاحقا بتكوين المملكة العربية السعودية.

تقول العرب أن الجِذْر هو الأصل لكلّ شئ، وأمانة نزلت في قلوب الرجال، وإذا  قيل ما جَذْرُهُ أي ما يبلغ تمامُهُ. هكذا المملكة في سيرة توحيدها صدى تاريخ لذلك الجِذْر وبلوغ تمامه.

التأسيس في دلالة المعجم مندوحة ذكر، فمصدر الكلمة؛ أَسَّ وإذا قيل أَسَّ الدار تعني إِذَا بَنَيْتَ حُدُودَهَا وَرَفَعْتَ مِنْ قَوَاعِدِهَا، حتى تُوصف تَأْسِيسٌ حَسَنٌ. وهكذا تمتد الدلالة معنى أُسُّ الْإِنْسَانِ وَأَسُّهُ أي أَصْلُهُ، لأن أُسٌّ أَصْلُ ڪُلِّ شَيْءٍ. وكذلك أُسُّ الْإِنْسَانِ قَلْبُهُ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مُتَكَوِّنٍ فِي الرَّحِمِ، وَأُسُّ الْبِنَاءِ كذلك مُبْتَدَؤُهُ كقول احدهم؛ وَأُسُّ مَجْدٍ ثَابِتٌ وَطِيدُ نَالَ السَّمَاءَ، فَرْعُهُ مَدِيدُ، وهذا ما يتواكب بربط حال المملكة العربية السعودية وألحقها باصل تأسيسها.

يوم التأسيس هو شروق عهد الإمام محمد بن سعود بن مقرن الذي ولد عام 1090هـ/1679م. ونشأ وترعرع في الدرعية وأخذ تجربته وهو شاب حين لازم والده في إمارة الدرعية، وبذل جهده في الذود عنها كامتداد لاسلافه الذين بنوها. وبحكم الامام محمد بن سعود الدرعية تم تأريخ بداية تأسيس الدولة السعودية، وأُتخذت الدرعية عاصمة لها، وهي في سرّة اقليم اليمامة وسط الجزيرة العربية كمدينة على ضفاف وادي حنيفة المتعرج، وتتشامخ مع جبال طويق مرتع وصف الشعراء، فلا مشاحة إن امتلئت اعطافها عزة وقوة. الدرعية عُرفت فيها عبارة أهل العوجاء أو العوجا نسبة لها ترجيحا. والتي يتعالى ذكرها في الموروث الشعبي كصيحة حرب لهم. تلك ديار وصف فيها شاعر المعلقات عمرو بن كلثوم التغلبي اليمامه قائلا؛

واعرضت اليمامة واشمخرت

‏كأسياف بايدي مصلتينا

اما طويق فخاطبه الأديب عبدالله بن خميس؛ 

يـا أيها العملاق زدنـا خبرة

عـمن أقاموا في ذراك معاقلا

واقصص علينا اليوم من أخبارهم 

ما ثم من أحد يجيب السائلا

ومن هذة المشكاة انطلقت بلاد الحرمين الشريفين بالملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الذي غرز بنيان التوحيد المملكة العربية السعودية في عام ١٣٥١هـ/١٩٣٢م، وهو يقول؛ "لقد ملكت هذه البلاد التي هي تحت سلطتي بالله ثم بالشيمة العربية، وكل فرد من شعبي هو جندي وشرطي، وأنا أسير وإياهم كفرد واحد، لا أفضل نفسي عليهم ولا أتبـع في حكمهم غير ما هو صالح لهم حسب ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم". وللملك عبدالعزيز ملحمية يعرفها القاصي والداني، وما ادق ما وصفه الشاعر والمؤرخ خالد الفرج في ذلك حينما قال عن عبدالعزيز؛
وما فتحت عيناك إلا على علىً
من المجد لا تألو لها تتطلب
ولم يكفك الميراث حتى استعدته
وعزمك كالفولاذ بل هو أصلب
فأحييت ما عبدالعزيز أقامه
على أن هذا الوقت من ذاك أصعب
وقفت أمام المستحيل تهزه
وكل يقول الفوز عنقاء مغرب
وكلك آمال وكلك عزمة
وغيرك من ذكر اسمها يتهيب

وهكذا امتد نهج المملكة في حكم ابناءه وتواليهم الى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الذي يؤكد نهج التأسيس واستمراره بالقول؛ جاءت الدولة السعودية لتعيد الاستقرار لهذه المنطقة على نهـج الدولة الإسلامية الأولى، وتوحد أغلب أجزائها في دولة واحدة، تقوم على الكتاب والسنة، لا على أساس إقليمي أو قبلي أو فكر بشري منذ أكثر مـن مئتين وسبعين سنة".

بلاد الحرمين حاضنة للماضي والحاضر، ومنطلق الإسلام وقبلتهم، وهي مركز يجمع ثلاث قارات، وحضور حي ولاعب رئيسي في المشهد العالمي. وهي تجسد بملكها وولي عهده الطموح زخم مستمر لشعب وقيادة ضمن برامج التحول الوطني في رؤية 2030.
ولنا في صدى يوم التأسيس خاتمة القول لارض الحرمين قول الشاعر:
تُمثِّلُ لي الاشواقُ أنّ تُرابَها
وحَصباءَها مِسكٌ يفوح وعِقيانُ

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .