تمهيد
تعدُّ الموهبة منَ النِّعمِ التي حبانا الله تعالى بها وجعلها كالبصر والسَّمع والإحساس سواءٌ بسواءٍ، لذا حريٌّ بك المحافظة عليها بعدَ تحديدها بدقة وتطويرها ومنْ ثمَّ استثمارها بما يعود عليك ومجتمعك من خيرٍ ونفعٍ مُتعدٍّ. مع الأخذ بعين الاعتبار تُشكِّلها لديكَ عدَّة عَوامل فطريّة وشخصيّة وبيئيّة وظرفيّة وصُدفة منْ غير قصَدٍ؛ وتصقُلها الخبراتُ المتنوِّعة والتجاربُ الواقعيّة أثناءَ الممارسات اليوميّة؛ وتزيدُها حماسةً السياقات المستجيبة والدَّاعمة لها ضِمن المؤسسة التي تعملُ منْ خلالها؛ وتستثمِرُ قدراتها إدارة واعية مرحّبة لكلِّ مُساهَمة مُبدِعة تحرِّك عجلة العملِ بشكلٍ متّزنٍ لتحقيق رؤية المجتمع وتواكب تطلّعاته تحقيقًا لأهداف سامية ومنها:

• تطوير الاستعدادات الخاصّة والقدرات الكامنة لمنْ يُبدي تميُّزًا ملحوظاً مقارنة بالأقرانِ.
• استثمارُ المواهبِ اليافعةِ وحفزِها؛ لِتكونَ مؤشِّرًا على الملامح الأولى للمِهن المستقبليّة.
• توجيه الاهتمامات غير المنظّمة ذاتيًا وتعميق القيم السلوكيّة وبناء الشخصيّة الإيجابيّة.

مفهوم الموهبة
للموهبة تعريفات كثيرة سطَّرتها الأدبيات التربوية المختصَّة بميدَانِها، ولكن ننتقي منها ما يأتي:
"قدرة فطريّة (مع الميل)؛ أو استعداد موروث (مع الرَّغبة) في مجال أو أكثر من مجالات العطاء: العقلية (الذكاء والألعاب الذهنية والأحاجي)؛ الأكاديمية (المواد والمقررات الدراسيّة النظرية)؛ الإبداعية (الكِتابة الإبداعية والمناظرة والتصوير الفوتوغرافي)؛ الاجتماعية (التسويق والعلاقات العامة والتفاعل الاجتماعي)؛ القيادية (إدارة المشاريع والاجتماعات)؛ الفنيّة (التصميم والمسرح والموسيقى)؛ وغيرها (الأمن السبراني والذكاء الاصطناعي والصحافة) بحسب ما يستجدّ في أرض الواقع". 
الخصائص الشخصيّة لمن يتَّصف بالموهبة
ذوو الموهبة يتِّسمون بخصائص شخصيّة متفرِّدة عندما نقارنهم بمن يساوونهم في العُمر، وفيما يلي نستعرِضُ بعضها:

• المهارات الانفعالية، وتشمل: الوعي بالذات؛ معالجة الجوانب الوجدانية؛ الدافعية؛ التفهُّم (أو التعاطف)؛ والمهارات الاجتماعية (المتصلة بتقبُّل الآخرين واحترام آرائهم)، وهذه تتطلّب وعيًا سليمًا بتلك المهارات في مجال الارشاد النفسي عبر أدواتهِ المقننة لإدارة الاستجابات الانفعالية (الوجدانية) وحفزها بعناية لا تخدشها. 
• المهارات الاجتماعية، وتشمل: مهارات العلاقة مع الأفراد؛ مهارات وضبط وإدارة الذات؛ المهارات الأكاديمية؛ مهارات المسايرة؛ ومهارات تأكيد الذات، وهذه تتطلّب مواقف وظروف مقصودة مهيّأة بشكل دقيق توفَّر لتحسين تلك المهارات التي يتمّ التفاعل من خلالها بين ذوي الموهبة ذاتهم من دون توجيهٍ مباشر أو تدخُّل غير طارئ.
• المهارات القيمية، وتشمل: التكافل الاجتماعي؛ الشعور بالقيم والعادات؛ التعامل مع الأفكار الوسطية؛ العمل التطوعي؛ احترام القوانين الوطنية؛ التعاون البنّاء؛ المسؤولية المجتمعية؛ والشعور اتّجاه المجتمع، وهذه تتطلّب تضافر عدد من الجهات لتنمية تلك المهارات ومنْ أبرزِها الأسرة والمؤسسات الدينية ووسائل الإعلام المتنوِّعة وجماعة الرفاق؛ إذ هي تخاطب القناعات والأفكار وبالتالي تلعبُ دورًا رئيسًا في تعديل السلوك غير السويّ إنْ وُجِد، وتدفعُ نحو اتّجاهات إيجابية للذات والمجتمع والحياة المستقبلية بشكلٍ عام.

كيف تعلمُ بأنَّ لديكَ موهبة؟
إليكَ فيما يلي جملة من الأمور يفترض بك التحقُّقِ منها تمّ طرحُها على هيئة أسئلة يفترض منكَ الإجابة عنها كتقرير ذاتي:

• ما اهتماماتك وميولك؟
• ما جوانب التميُّز التي ترى نفسك فيها مُبدِعًا مقارنةً بزملائك؟ 
• ما أنواع الكُتب أو المجلّات أو البرامج التلفزيونية أو المواقع الإلكترونية التي تنشغلُ بها في سائرِ يوميك؟
• ما الحِرفَ أو الهِوايات التي تَسعدُ بمشاركة الآخرين وفيها وتساعدهم تطوُّعًا؟
• هل هناكَ منْ تَتَّخذه قدوة ونموذجًا في مجال موهبتك؟ 
• ما الذي يراه الآخرون فيك من امتيازات واستعدادات للعِطاء غير المسبوق؟
• ما الذي تحتاج إليه كدعم لتطوير موهبتك بشكل متَّصل؟
• ما التَّحدِّيات التي قد تعيق مسار تنمية موهبتك على المستوى الشخصي والأسري والمؤسسي والمجتمعي؟
• هل حدَّدت الفجوة المجتمعيّة (أو المعرفية) التي ستعمل على سدّها وتضيف عليها لبنات جديدة تكسبها إبداعًا؟ 
• ما الذي تسمو إلى تحقيقه في مستقبلك القريب في ضوء موهبتك؟
• أين تجد موقعك الحقيقي في وسط الحراك والتطوُّر المجتمعي الشامل بعد خمس سنوات من الآن بما تملكُه من موهبة هي بصمتكَ الوطنيّة؟

أساليب تطوير الموهبة
هناك جملة من الأمور التي نستطيع من خلالها تطوير ما نمتلكه قدرات كامنة واستعدادات متوثِّبة (موهبة)، وهي كالآتي:

• تنمية مهارات القرن 21 لديك، والتي منها: ثقافة التكنولوجيا والاتصال؛ ثقافة الوسائل الإعلاميّة؛ التعاون والعمل الجماعي؛ التفكير الناقد وحلّ المشكلات؛ الابداع والابتكار؛ القيادة والمسؤوليّة؛ التكيُّف والمرونة؛ والمواطنة.
• الاستزادة من القراءة المُعمّقة في مجال الموهبة.
• حضور الدورات التدريبية الحرفيّة المتخصصة في مجال الموهبة.
• الاشتراك في المجلّات والدوريّات المتخصصة في مجال الموهبة.
• العضوية في المؤسسات المهنية المتخصصة في مجال الموهبة.
• المُساهمة في اللجان والمشاريع المرتبطة بمجال الموهبة والتي تستحدثها المؤسسة.
• تكلَّم مع مسؤولك عن جوانب تميُّز ومكامن قواك وعطاءاتك وإنْ لم تكن من صميم مهامك في المرسسة التي تنتمي إليها.
• بادر بطرح الأفكار المقترحات التي بإمكانك العمل عبلى تنفيذها وترتبط بمجال موهبتك. 
• حدِّد رُكنًا في بيتكَ لعرض نتاجاتك الإبداعيّة؛ لتكونَ لكَ دافِعًا لبذل المزيد؛ ولأفراد أسرتكَ حافزًا للتشجيع الدائم.
• الاستفادة مما في قنوات التواصل الاجتماعي YouTube، Facebook، Telegram، وغيرها مما يعجُّ بالمعرفة والمهارة العملية المتخصصة الموثوقة. 
• صقلُ الموهبة بالرجوعِ واستشارة الخبراء المتخصصين وبما نسمِّيه (التلمذة المهنيّة).
• التعاون مع الآخرين مِمنْ يُشاركونكَ نفس مجال الموهبةِ وإنتاج الأعمال الإبداعيّة. 

أهمية إدارة الموهبة للمؤسسات
للموهبة أهمية كُبرى لأيِّ مؤسسة بغضَّ النظر عما تقدّمه من خِدمات وما تقوم به من أدوار في المجتمع، ومنْ أبرز ما يؤكِّد هذه الأهمية: 
1. تحفيز الأداء العالي؛ جذباً للأفراد ذوي الموهبة وإيجاد وسيلة لمكافأتهم.
2. تطوير جودة الأفراد اللازمة لتحقيق الإنجازات العالية.
3. قيمة لسمعة المؤسسة ومساهمتها في إدارة التنوُّع.
4. تطوير المسار المهني وبرامج إدارة الأفراد بانتقاء الدورات التدريبية المناسبة.   
5. الدعم الفعّال لتخطيط قوى العمل وتوزيعها بحسب الحاجة.
6. دعم جهود مشاركة الأفراد في اتّخاذ القرار والمبادرات غير المرتبطة بإدارة ما.