+A
A-

إلى أين ستصل المياه في البحريـن عام 2100؟

الناصر: توقع بزيادة 15 % من منسوب مياه الأمطار بدول الخليج

الاحتباس الحراري وذوبان جبال الجليد بالقطب الشمالي تنبئ بكارثة بيئية عالمية

 

“نص ساعة مطر.. والبحرين تغرق”... “أمطار رعدية غزيرة تغرق شوارع البحرين”... عناوين صحفية اعتيادية تخرج بها الصحف كل عام، بكنايات تصف الحال السنوي للأمطار والذي تتسبّب في تحويل الكثير من المناطق والشوارع والساحات إلى برك آسنة غزيرة.

لكن الشاهد بالأمر، ماذا لو طفت مياه البحر نفسها، وتسللت بهدوء أو بصخب ربما إلى اليابسة، إلى الشوارع، والمدن والقرى، ما الذي سيحدث حينها؟ وما الذي سنفعله؟

في يوم السبت الموافق 22 سبتمبر من العام 2019 رصد مواطنون ارتفاعًا نسبيًّا لمياه البحر في بعض سواحل البحرين، كساحل المالكية، والزلاق والعكر، والدرة، حيث غطت المياه أجزاء منها حتى نفذت إلى بعض أكشاك الباعة هنالك، بصورة وصفها البعض بالمرعبة، مستذكرين بها حادث تسوماني والذي دمّر وأباد الكثير من المدن وأزهقت الأرواح.

هذا الحادث يقودنا بالذاكرة إلى حادثة أقدم، شهدتها شوارع قرى عسكر، جو، المالكية، المعامير العام 2007، إذ رصد مواطنون ارتفاعًا ملحوظًا لمنسوب مياه البحر لأمتار عديدة بعيدة عن الساحل، خصوصًا في مناطق عسكر وجو، علمًا بأنه كان قد سبقتها حوادث شبيهه بتلك الفترة، ولكن بشكل أكبر، بكل من سلطنة عمان وايران.

في الأثناء، أفادت دراسة علمية خلص بها عدد من الأكاديميين والخليجيين المختصين في علوم البيئة والبحار العام 2011 بأن هناك دول ساحلية عديدة في العالم، ستفقد أجزاء منها بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر، منها البحرين وبنسبة 11 %.

وتوقعت الدراسة والتي أعدتها صباح الجنيد من جامعة الخليج العربي بأن تكون 18 % من المناطق المبنية والصناعية والتي تشكل 2 % من المساحة الكلية للأراضي تحت الماء، بسبب ارتفاع منسوب المياه بنسبة 0.3 متر.

كما توقعت الدراسة أن تفقد البحرين 65 % من أراضيها غير المغمورة بحلول العام 2100م، بسبب ارتفاع منسوب البحر بنسبة خمسة أمتار عن سطح الأرض، مشيرة إلى ضرورة وضع استراتيجيات للتكيف مع التقلبات المناخية لزيادة المرونة خلال السنوات المقبلة، ووضع هذه السياسات في تحديد وتصميم وتنفيذ تدابير التكيف المحتملة.

ولفتت إلى أن التكاليف ستكون عالية جدًّا لعملية التكيف مع ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل القريب، وينبغي أن يكون مواجهة هذا الخطر بصفة الاستعجال لمواجهة التحدي المتمثل في تغير المناخ.

هذه الدراسة، تقودنا تلقائيًّا إلى تقرير صحفي نشره الموقع الإخباري (لوبي لوق) أخيرًا، وتداولته المنصات الإعلامية والذي أشار بأن تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، سيؤدي مع الوقت إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بشكل جاد يهدد البحرين، كونها تتكون من أرخبيل من الجزر، لافتًا إلى احتمالية غرق ما نسبته (27 %-65 %) من أراضي المملكة بحلول العام 2100.

وينصح التقرير المذكور البحرين، بتنفيذ سياسات وقائية بيئية شاملة لتفادي مخاطر التغير المناخي، مستشهدًا بتجارب سلطنة عمان، واندونيسيا بهذا المضمار.

وفي تصريح لـ”البلاد” قال أستاذ الفيزياء التطبيقية بجامعة البحرين وهيب الناصر إن البحرين قدّمت البلاغ الأول والثاني والثالث، وهو أمر مطلوب كل 5 سنوات بأن تقدم كل دولة بلاغها، منها حصر كمية ثاني أكسيد الكربون بها لأنها العنصر الأساسي في الاحتباس الحراري، وفق آلية معينة لحسبة هذه النسبة، ثم يحدد لهم آلية التعايش والعلاج لذلك.

وأضاف الناصر “من ضمن النماذج، أن تحدد كل دولة تأثيرات ارتفاع مناخ المنطقة عليها، من تزايد للأمراض، أو خروج أوبئة جديدة، أو أمطار كثيرة، رطوبة تزيد، وغيرها، ومن ضمنها، احتماليات النتائج المتوقعة، مع ارتفاع حرارة الأرض وذوبان جبال الجليد، ومدى إمكانية تأثير ذلك على ارتفاع منسوب مياه البحر، والتي تصل وفق الدراسات حتى المتر الواحد”.

وزاد “تتبع هذه الدراسات سيحدد الضرر المتوقع، وإلى أين قد تصل المياه في حالة وصولها إلى المتر الواحد، وهو أمر مطروح بنماذج رياضية بحال استمرار الوضع الراهن، نتائجها المتوقعة في العام 2100”.

وأردف الناصر “هذه النماذج الرياضية مأخوذة الآن من البلاغ الثالث، وعليه يجب أن تستعرض على المجلس الأعلى للبيئة، وعلى محكم عالمي، وبحيث تدرس بشكل منطقي وعميق، وليس جزافًا”.

وتابع “موضوع ارتفاع درجة حرارة الأرض أمر قائم وواقع، والعام الماضي ارتفعت حرارة الأرض بشكل كبير وغير مسبوق، ولقد رصد ارتفاع درجة الحرارة في القطب الشمالي الى 32 درجة وهو أمر خطير جدًّا، قد يؤدي إلى خروج فيروسات مدفونة في الجليد، مسببة بأمراض جديدة لا نعلم عنها شيئًا”.

وقال “تفاقم الأوضاع البيئية الراهنة، قد يزيد من نسبة الأمطار في منطقة الخليج العربي الى 15 %، وهو أمر جيد، ولكن الإشكالية هو بنزولها دفعة واحدة بدلاً من أن تكون موزعة على العام بأكمله، تمامًا ما حدث بالسودان أخيرًا، وفي الولايات المتحدة الأميركية”.