+A
A-

الحركة الأدبية في البحرين... سنوات المهاد الأول

يعد كتاب “الحركة الأدبية في البحرين ..سنوات المهاد الأول 1964 – 1975 “ لعبدالحميد المحادين، والذي أعده من أرشيف مجلة هنا البحرين والصادر العام 2014 مرجعا قيما للحراك الثقافي ووثيقة نفيسة تحمل في طياتها النتاج الفكري الأصيل لأبناء البحرين في تلك الفترة.

يطرح المحادين في افتتاحية الكتاب الذي يقع في 421 من الحجم الكبير سؤالين. الأول، لماذا الاقتصار على هذا الفضاء الزماني المحدد من 1964 – 1975، وهذا يعني أننا اعتمدنا على مقطع طولي يقع بين خطين أفقيين، مع أن الحركة الأدبية في البحرين هي امتداد زماني ليس بالقصير، بل هو عبر قرون، قبل هذا المقطع، ويستمر بعده.

والسؤال الثاني هو: لماذا تم اختيار هنا البحرين في الفترة ما بين 1964 - 1975 فضاء زمانيا ومكانيا لهذه الدراسة المكثفة؟

ولا يظن أحد أن هناك إبهاما والتباسا في هذا الاختيار، فـ “هنا البحرين” لها خصوصية انفردت بها، ولهذه الفترة الزمانية خصوصية انفردت بها .. وانطبقت الخصوصيتان، وصارت خصوصية مركبة تستحق أن تدرس، وتستجيب للبحث، وتثریه.

أما هنا البحرين، ففي هذه الفترة كانت هي المطبوعة المستمرة شهرية قبل هذا التوقيت ومعه، ورافقتها في الطريق جريدة الأضواء منذ 1965، وكان الكتاب البحرينيون يجدون في “هنا البحرين” متسعا معقولا؛ ليضعوا فوقه شيئا من إبداعاتهم المختلفة، وقد كانت “هنا البحرين”، قد اتجهت إلى مكافأة المواد التي تنشر فوقها، وكانت المكافأة رمزية، وموغلة في الرمزية، لكنها كانت تشكل مردودا ذا أهمية نسبية، ورمزية أيضا.

ويتابع ..  وفي فترة اقتسمت “هنا البحرين” مع بعض المطبوعات التي طرأت على الساحة النتاج الأدبي، ولذا فهي تشكل مرجعا يسهم في التعريف بما كان يكتب آنذاك، ومن كانوا يكتبون، والرجوع إليها قدم وثائق أدبية مهمة يمكن الاعتماد عليها واستنطاقها حين تناول الحركة الأدبية في البحرين.

هذا من حيث مبرر الاتجاه إلى “هنا البحرين”، ولأنها حفظت عشرات النصوص التي كتبت في تلك المرحلة، وجعلت العودة إليها میسورة وسلسة، وأن الاحتفاظ بتلك الأعداد من ذلك الزمن، يدل علي وعي مبكر في التوثيق والحفظ، والتنظيم؛ ولذا كانت “هنا البحرين” هي الحافظة التي يرجع إليها الباحثون ليلتقوا بكثير مما يدل على توجهات وبدايات الحركة الأدبية الحديثة في البحرين. أما التحديد الزماني بين مقطعين أحدهما 1964 والثاني 1975 وما بينهما، فمبرره أن هذه السنوات الإحدى عشرة تمثل الزمن الذي تعايش فوقه جيلان.

ثم يضيف المحادين.. صحيح أن “الأضواء “ ولدت 1965، وكان يقوم عليها الصحفي البارز محمود المردي، وقد التفت المردي إلى أن يجعل منها صحيفة تحمل همًّا ثقافيا وأدبيا يتفق مع الزمن الذي يقع بين أعدادها، حيث كانت أسبوعية، ومن المتفق عليه أنها منذ ميلادها واكبت “هنا البحرين” في حمل ذات الرسالة، بل إن أدباء كان يشرفون على الصفحات الأدبية في “هنا البحرين” هم ذاتهم الذين استقطبتهم “الأضواء” ليؤدوا مهمة مماثلة، بل إن مدير تحرير “الأضواء” في فترة ما كان محمد الماجد الذي كان له إسهام كبير في “هنا البحرين”.

وينبغي أن ندرك أن الموضوعات والكتابات التي تمت متابعتها في الفترة من 1964 - 1975، ليست كل ما نشر الأدباء في البحرين، بل كانوا ينشرون في صحافة أخرى عربية وإقليمية ومحلية بعد صدور “الأضواء”، ثم “أخبار الخليج” وبينهما صدى الأسبوع.

لهذا، فإن المسح الكمي والكيفي للموضوعات التي نشرت في “ هنا البحرين” في المدة من 1964-1975 ستكون دليلا ومفتاحا مهما لمن يريد أن يدرس البدايات الأولى للنهضة الأدبية البحرينية الحديثة.