+A
A-

الدراما الخليجية.. ثرثرة فارغة وفقر لا حدود له

انحطاط الدراما الخليجية تتمثل في الصورة الزائفة للواقع التي تقدمها للمشاهد، فتتدنى بوعيه وتبلبله ولا ترتقي به إلى مستوى الرؤية الصحيحة للواقع، ومن ثم فهي تؤدي به إلى تبني نوع من التفكير الانهزامي. معظم المسلسلات الخليجية التي تعرض الآن بمختلف الفضائيات فيها زحام من الشخصيات المتداخلة التي تتشابك مصائرها في النهاية بطريقة تشعرك بأنها غير محبوكة تماما، ومشاهد مقرفة مبتورة ومشوهة وثرثرة فارغة مبالغ فيها.

ما شروط الدراما التلفزيونية الناجحة؟

أولا: نجاح الممثلين في أدوارهم جميعا، ووجود روح المسؤولية الجماعية، وهي من أهم شروط العمل التلفزيوني، وحفظ الأدوار وأداء الحركة وحنكة في فهم التكنيك التلفزيوني، بحيث لا نرى هبوطا في الإيقاع أو انتظارا للانتقال من كاميرا إلى أخرى، وكذلك إبعاد المشاهد عن الملل من تلكأ ممثل في الدخول أو الخروج ونسيان مستلزمات المشهد، أما بالنسبة عن المؤلف، فيجب على كاتب السيناريو أن يتخيل صورة العمل المرئية على الشاشة وأن يعايش هذه الصورة مرات ومرات في جملتها وتفصيلاتها بمراعاة السياق الزمني. وبصرف النظر عن العناصر الأخرى حتى تتحول عنده من صورة هلامية إلى ملامح واضحة أو شبه واضحة في حدود إطار الشاشة، لا الطبيعة في الواقع المعاش. ولكن للأسف الدراما الخليجية التي نشاهدها اليوم تفتقد إلى عصب الحياة وتخلو من الجماليات والخيط الدقيق الذي يفصل بين العمق والإثارة، والشيء اللافت الذي لاحظته في جميع الأعمال الخليجية عدم الفهم لمفهوم اللقطة التلفزيونية. بمعنى. التلفزيون كمجال للقطة المقربة هو أصلح المجالات للقصة النفسية المعتمدة على الصراع الداخلي، فعن طريق اللقطة المقربة يمكن الاستغناء عن الحوار بالتعبير الصامت، وإذا كان التلفزيون مجالا يرفض مجاميع الممثلين في القصة النفسية تحقق له بغيته حين تقتصر في الغالب على عدد محدود من الشخصيات. والتعبير الصامت يحقق وظيفة الصورة في التلفزيون التي تؤكدها الموسيقى والمؤثرات الصوتية، كما أنه يحترم الفروق المهمة بينه وبين العمل المسرحي.

عموما، الدراما الخليجية تتسم بفقر لا حدود له، ترهل في التعبير أو ميل إلى تمطيط الكلام وإفلاس بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والغريب أن هناك أسماء لها تاريخها مازالت تصر على تقديم السلعة الرخيصة للمشاهد من خلال الأعمال الهابطة الهشة، ولا عجب في ذلك، فهؤلاء تجتمع لديهم أحادية النظرة ويفضلون المادة على العمل الخلاق المفيد للناس والمجتمع. وأتحدى أي أحد من المشاهدين أن يتذكر أي عمل خليجي بعد رمضان وتأثيره عليه، فجميع هذه الأعمال والدراما لا تستحق إضاعة الوقت الثمين لمشاهدتها، والدفاع عنها قضية خاسرة، إنها دراما العجز والعزلة والقائمين عليها يتحدثون بلغة الربح والخسارة، وليس كأرض فيها نبات طيب يفيد المجتمع.

من باب الاكتشاف، تابعت عملين ومع لحظة الاصطدام الأولى تتولد الدهشة، الدهشة التي تقودك الى بدايات طريق الوعي والمعرفة، فالقصتان متشابهتان، في الموقع الجغرافي والأحداث، ولكن ما يميز هذا المسلسل عن ذاك هو وجود الممثل الذي يحاول اغتصاب ضحكة المشاهد عنوة، الذي يتخذ من الفن مجرد موضة او نزوة، لا إحساس ولا تفاعل ولا أي شيء له علاقة بالتمثيل. ورحم الله الفنان محمد البهدهي حينما قال لي ذات يوم “أي شخص لا يملك الوعي وحب التمثيل، لا يجب أن يدخل الموقع من الأساس، فالمسألة ليست وكما نقول في المثل: من طق طبله قال أنا قبله”. ملاحظة...الكلام موجه للمنتجين والمؤلفين والممثلين، وليس للمخرجين!