+A
A-

“موال حدادي”... مكتظة بالمعنى مع اتحاد المضمون بالشكل

اللغة مهمة جدا في العمل المسرحي، وبعبارة أخرى، فإن المسرحية يجب أن يستخدم اللغة بنفس الطريقة التي يستخدم بها الشاعر صوره الذاتية، أي أن على الكاتب صياغة لغة المسرح، لا أن يسردها أو يخبر بها.

ومن الضروري أن يتوافر في لغة المسرح عنصر التوتر والوزن والقافية، حتى في الأحوال التي يكون فيها النص عبارة عن خطبة باللغة العامية، فيجب أن يعالج على نحو يكسبه الوزن الدرامي الذي لا يمكن أن يكون مجرد حديث عادي.

إن أهمية الشعر في المسرح تكمن في صلاحيته للتعبير عن اللحظات ذات الأهمية في سلوك الشخصية على المسرح.

والكاتب المسرحي الإماراتي إسماعيل عبدالله، كاتب خارج عن المألوف، وأعماله تستخدم الأسلوب الشعري، وتتجه نحو موضوعات ذات طابع شعبي، ومسرحيته موال حدادي، التي أخرجها الفنان القدير مرعي الحليان، وعرضت في 5 أيام مهرجان أوال المسرحي الدولي الثالث عشر، لفرقة مسرح رأس الخيمة الوطني الإماراتي، كانت تحفة ورائعة مسرحية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فاتقن الكاتب رسم خطوط الطمع والكذب والاستغلال، والسعي وراء السلطة ووضع ألوانها وظلالها القبيحة، فالبطل مرعي الحليان، هو الإنسان الذي يقضم ويلتهم بلا أي وازع أخلاقي أو اجتماعي أو وجداني، ويجسد الخبث والدناءة والطمع، والنقطة الرئيسة في المسرحية هي بيع الأرض للمستعمر جاء تحت وسم الطعنة والفضيحة بمعالجة درامية متقنة.

والمسرحية مكتظة بالمعنى، فنحن جميعا نتخطى حدودنا ومعطيات الواقع بالحلم، ومن أجل تحقيق أحلامنا لا نتورع في بيع الآخرين والتضحية بهم، وهذا ما رسمه لنا إسماعيل عبدالله في شخصية حميدان مرعي الحليان، النادل في بار بمخيم لجيش الاستعمار البريطاني. ولا تنفذ هذه التضحية مباشرة، بل بصورة تمويهية تحتال بها النفس؛ لتحقيق تكيفها مع نوازعها وضرورات الواقع في آن واحد، وتكون ضربا من المصالحة اللامجدية بين الحلم والواقع.

ومسرحية موال حدادي، اتحد فيها المضمون بالشكل اتحادا كاملا، فعكس كل منهما الآخر بشفافية هي مرمى الفن الجيد دائما، وأكثر ما أبدع فيه الكاتب إسماعيل عبدالله، هو مقدرته على ارتداء أشياء العالم الخارجي اتجاهاتنا النفسية إلى أقصى حد، فبوسعه التحرك إلى أخفى المناطق وأعمقها، متخذا من الوسائل المبتكرة ما يلائم تحركه، إنه تركيب فني مستحدث.

فريق العمل

ويتكون فريق العمل من المؤثرات الصوتية محمد الصرومي، تصميم الإضاءة محمد جمال وزير، ومن تمثيل: مرعي الحليان، مبارك المهري، موسى البقيشي، سعيد عثمان، ربيع الجربي، بدرية عبدالله حسين سارة، فيصل عبدالله بن ثاني، عبدالرحمن الكاس وسالم الرفاعي.

عرض اليوم

وتعرض جمعية الثقافة والفنون بالدمام اليوم الجمعة، مسرحية الباب، من تأليف وإخراج ياسر الحسن، ومن تمثيل: ناصر عبدالواحد، عصام البريمان، عبدالعزيز العباس ولين السيوفي، وإضاءة وديكور حسين الزوري.