+A
A-

المملكة انتقلت من تمكين المرأة إلى مرحلة مساهمتها في تقدم مجتمعها

أكدت قرينة عاهل البلاد رئيسة المجلس الأعلى للمرأة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة أن مملكة البحرين تشهد مشاركة متنامية للمرأة في كل مواقع العمل وتسجل أرقامًا مرتفعة في المناصب القيادية التنفيذية وهو ما ينسجم مع خبرتها العريقة في تنمية مجتمعها والنهوض بتنميته.

وقالت سموها إن كفاءة المرأة البحرينية تؤهلها للقيادة في كافة المجالات الوطنية ومن بينها مجال العمل السياسي، فقد أثبتت من خلال مشاركتها الفاعلة بأنها قادرة على احتراف العمل بمهنية واقتدار، مشيرة إلى أنه من بين ما يؤكد ذلك، الإقبال المتزايد للمرأة البحرينية على المشاركة في الانتخابات التشريعية والبلدية التي ستعلن نتائجها الأولية بعد أيام معدودة، وبما ينسجم مع مرور أكثر من ستة عشر عاما منذ استكمالها لحقوقها السياسية، التي بدأت بعض مظاهرها في بداية الثلاثينات من القرن الماضي حين منحت حق التصويت في الانتخابات البلدية.

جاء ذلك، خلال كلمة للأميرة سبيكة إيذانًا بإطلاق أعمال المؤتمر الدولي حول “دور المشاركة السياسية للمرأة في تحقيق العدالة التنموية: تجارب عملية.. وتطلعات مستقبلية” الذي ينظمه المجلس الأعلى للمرأة تحت رعاية سموها يومي 14- 15 نوفمبر الجاري في مركز المؤتمرات بفندق الخليج بمشاركة جمع رفيع من القادة والبرلمانيين والمسؤولين والخبراء والأكاديميين من داخل البحرين وخارجها.

وأضافت صاحبة السمو الملكي “لعلي لا زلت أتذكر باعتزاز كبير تلك الحوارات واللقاءات الكثيرة التي جمعتنا بنساء البحرين في مختلف مناطقها تحضيرًا لانتخابات 2002، وما حملن من أمل، وتطلع، وحماسة تحضيرًا لمرحلة عمل جديدة تمارس فيها حقوقها كمواطن كامل الأهلية وجدير بالشراكة في التنمية الوطنية، التي شهدت مسيرتها حضورًا نسائيًّا مبكرًا نفخر به، ونؤكد مساهمته في تشكيل الهوية البحرينية المعروفة بتقديرها للعلم والمعرفة، واحترامها لقيم العمل، وانفتاحها وقبولها للتنوع والتعددية، والتزامها بالمبادئ والقيم الإنسانية لعالم حر وآمن”.

على صعيد آخر، اعتبرت سموها أنه على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذل على المستوى الدولي لرفع مستويات مشاركة المرأة في الحياة السياسية على مدى السنوات الماضية، إلا أن الأرقام والإحصائيات المعبرة عن مشاركة المرأة وتمثيلها لمجتمعها تمثيلاً مناسبًا في المناصب والمواقع السياسية ما زالت غير متسقة مع حجم تلك الجهود، ولا مع ما تحققه المرأة على الصعيد التنموي المحلي، خصوصًا إذا أخذنا في الاعتبار حجم ما يتم استثماره لرفع قدرات وكفاءات المرأة كجزء لا يتجزأ من المكون البشري كقوة عمل لا غنى عنها إن أردنا مردودًا منطقيًّا عن ذلك الاستثمار.

وقالت صاحبة السمو الملكي إن هذا “يجعلنا نتوقف قليلاً لتقييم جهودنا المشتركة، وللبحث عن فرص تحسين جديدة للبناء على ما تم إنجازه، واسمحوا لي بهذه المناسبة أن أطرح عددًا من التساؤلات والخواطر التي أتطلع إلى أن يكون هذا المؤتمر خير فرصة للإجابة عليها”.

وتساءلت سموها في هذا السياق “هل من طريقة مثلى للتغلب على تحدي ردم الفجوة بين النصوص الدستورية والقانونية التي رسخت حقوق المرأة السياسية، وبين الثقافات والأعراف لممارسة تلك الحقوق بشكل واقعي، وصولاً لعدالة التمتع بالفرص والإسهام المؤثر في استدامة التنمية والتنافسية؟ و”إلى أي مدى نجحت التنشئة الأسرية، والمناهج التعليمية، وبرامج مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والأحزاب السياسية، والرسائل الإعلامية ومنابر الفكر والرأي، في تطوير القناعات المجتمعية وبناء الثقافة السياسية المساندة لمشاركة المرأة بصورة طبيعية وسلسة في مواقع صنع القرار”.

وتابعت رئيسة المجلس الأعلى للمرأة “لماذا تحولت التدابير المؤقتة التي اتخذتها العديد من الدول كوسيلة لحصول المرأة على التمثيل المناسب على الصعيد السياسي إلى تدابير دائمة؟.. أليس في ذلك مصادرة لخيار الناخب وإخلال بقاعدة إتاحة الفرص المتساوية في المشاركة السياسية؟”، و”هل وصول المرأة للمجالس التمثيلية مرتبط فقط بخدمة قضايا المرأة والأسرة أم قضايا المجتمع ككل؟ وكيف نضمن التوازن لدى المرأة والرجل، على حد سواء، في تبني تلك القضايا ضمن مساعيهم في تمثيل ناخبيهم؟”، و”لماذا يتم التركيز على شكل واحد من أشكال المشاركة السياسية عند الحديث عن مساهمة المرأة، وهو وصولها لموقع سياسي، وإهمال غيرها من المساهمات كتدرجها في المناصب القيادية في مجالات العمل الأخرى، أو حتى ممارستها لحقها السياسي كناخبة؟”.

وأكدت صاحبة السمو الملكي أنه لدى المجلس الأعلى للمرأة جهودًا متواصلة في مجال رسم السياسة العامة، واستكمال الأطر التشريعية، ومتابعة تنفيذ الخطط النوعية التي تهدف إلى تحقيق التوازن بين الجنسين على الصعيد الوطني، مشددة سموها على أنه كان للإرادة السياسية دور كبير في تبني مؤسسات الدولة لبرنامج عمل المجلس الذي وضع توجهات خطة وطنية شاملة، استطاعت أن تسهم في انتقال البحرين من مرحلة اتسمت بالتركيز على تمكين المرأة، ورعايتها، وتأهيلها إلى مرحلة تكون المرأة فيها من يساهم ويبادر بتمكين ذاتها، وصناعة قراراتها، لنصل اليوم إلى مرحلة أكثر تقدما تساهم فيه المرأة في تمكين مجتمعها وتقدمه.

وأعربت سموها عن فخرها بشأن تمكن المجلس وخلال أقل من 10 أعوام، من الانتهاء من وضع نموذج وطني يعمل على حوكمة تطبيقات إدماج احتياجات المرأة في التنمية وتحقيق التوازن بين الجنسين، تتشارك في تفعيله كافة سلطات ومؤسسات الدولة، الرسمية والخاصة والأهلية.

وقالت “تحضيرًا لذلك قمنا بإدارة فريق عمل وطني تم تشكيله بأمر ملكي بمتابعة الخطط الكفيلة باستكمال السياسات والتشريعات المراعية لتكافؤ الفرص بين الجنسين واحتياجات المرأة، وتضمين الخطة الوطنية لتقدم المرأة البحرينية في برنامج العمل الحكومي، وتهيئة البنية التحتية من آليات وأدوات عملية لمتابعة تطبيقات تكافؤ الفرص، وإعداد وتفعيل الموازنات المستجيبة لاحتياجات المرأة لقياس عدالة الإنفاق، وغلق الفجوات، وبناء وإدارة المعرفة لضمان سلاسة التنفيذ والمتابعة والرقابة والتقييم”.

وبينت قرينة عاهل البلاد أن هذا النظام المتكامل سيعمل على قياس تقدم المرأة في الاقتصاد الوطني على المستوى المؤسسي والخدمي، موضحة سموها أن من أهم منهجياته وآلياته التقييم الذاتي من قبل المؤسسات لقياس أدائها في تطبيق السياسات وبرامج التوازن بين الجنسين، ويعرض بكل شفافية في تقرير وطني تتبناه حكومة البحرين، وإنشاء مرصد شامل لمؤشرات وبيانات التوازن بين الجنسين، يعمل على رصد وتحليل موقع المرأة وقياس معدلات تنافسيتها محليًّا ودوليًّا، ووضع القراءات المستقبلية المتوقعة لتطوير سياسات تقدم المرأة.

وأعربت سموها عن أملها من خلال تفعيل هذا النظام أن تكون مملكة البحرين من بين الدول التي تمكنت من تضمين احتياجات المرأة في المسار التنموي العام، وأن تتحول مسألة متابعة تقدم المرأة إلى مسؤولية مشتركة وقائمة على نظام مؤسسي يرتبط أدائه بمؤشرات ترصد الفجوات وحلول تعمل على سد الخلل، مؤكدة حرصها من خلال التشاور والتواصل المستمر مع المنظمات الأممية والآليات المماثلة في الدول الصديقة على الترويج لمخرجات هذه التجربة بعد تفعيلها بوقت كاف، على غرار تجربة تطوير جائزة وطنية تهدف إلى تشجيع مؤسسات العمل على تمكين المرأة والاحتفاء بالممارسات الإيجابية ونشرها.

كما أعربت صاحبة السمو الملكي عن سعادتها بالصدى الطيب لهذه التجربة التي تبنتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة مشكورة، حيث عملنا معًا بشكل وثيق، وبمشاركة قيمة لأعضاء لجنة تحكيم الجائزة على تحديد معاييرها بدقة وموضوعية، وبما يتيح للمشاركين فيها فرصة الترويج والتعريف بما يقومون به من جهود لدعم تقدم المرأة ويعزز من دورها في النهوض بمجتمعها، ولنتمكن بدورنا من الاحتفاء بتلك المبادرات المتميزة.

وتقدمت صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة في نهاية كلمتها بالشكر للمشاركين في المؤتمر، وتمنيات سموها لمداولاته كل التوفيق لوضع حلول مبتكرة وفاعلة للمضي قدما بجهودنا المشتركة من أجل مشاركة أرحب للمرأة، وبما يتسق مع مكانتها الرفيعة ودورها المؤثر في تحقيق الاستقرار والرخاء في دول العالم أجمع.

 

دعم البرلمان العربي

أكد رئيس البرلمان العربي وعضو مجلس الشورى السعودي مشعل السليمي أن فوز البحرين بعضوية مجلس حقوق الإنسان يؤكد مرة أخرى احترام المجتمع الدولي لما تشهده البحرين من تطور في مجال حقوق الإنسان، وفي القلب منها حقوق المرأة، مؤكدا دعم البرلمان العربي لكل المبادرات التي تطلقها مملكة البحرين بهذا الخصوص، وأشار إلى أهمية مؤتمر المشاركة السياسية للمرأة كفرصة لتقييم ومراجعة مكتسبات المرأة البحرينية والخليجية والوقوف على التقدم المحرز في قضايا المرأة، والبحث عن حلول وطنية غير تقليدية لتقدم المرأة ورفع نسب مشاركتها في جميع المجال.

 

ريادة البحرين في تحقيق التوازن

أكدت رئيسة المجلس الوطني الاتحادي في دولة الإمارات أمل القبيسي، أن المؤتمر هو تأكيد للجهود الحثيثة لجلالة الملك في تمكين المرأة البحرينية، وتبوء البحرين مراكز الريادة العالمية في التوازن بين الجنسين، واحترام المرأة وتنمية قدراتها، ورفع مكانتها في التمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بالمملكة. كما أعربت القبيسي عن خالص الشكر والتقدير والامتنان للمجلس الأعلى للمرأة وعلى رأسه صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بينت إبراهيم آل خليفة لما حققته من إنجازات عالمية تفخر بها المرأة البحرينية والعربية، مثمنة دور سموها الرائد والرائع في العمل السياسي والاجتماعي والإنساني وتمكين المرأة إقليميا ودوليا.

 

آليات للحضور في هياكل صنع القرار

قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة فومزيلي نكوكا في كلمة مسجلة للمؤتمر “نحن في عصر ترتفع فيه نسبة الخريجات الجامعيات من الفتيات، والبحرين في مقدمة الدول التي تتفوق فبها نسبة الخريجات الجامعيات من الفتيات، كما رأينا مؤخرًا في الولايات المتحدة عددًا قياسيًّا مرتفعًا من النساء اللواتي دخلن عالم السياسة، وفي مناطق مختلفة من العالم أيضًا، وهذا يعني أنه لدينا الكثير من القدرات والمواهب المؤهلة للعمل في القطاع الحكومي والخاص والجهات الأكاديمية وغيرها من المؤسسات التي تقود مجتمعاتنا، ويؤشر على أن النساء مستعدات للمساهمة بفاعلية أكبر في قيادة مجتمعاتهن”.

وتساءلت نكوكا خلال المؤتمر عن كيفية التأكد من أن أعداد النساء اللواتي يدخلن عالم السياسة يضمن الوصول إلى مناصبها الرفيعة”، مؤكدة الحاجة إلى وجود آليات للتأكد من أن الرجال والنساء موجودون دائمًا في جميع هياكل صنع القرار، معربة عن ثقتها بأن هذا المؤتمر سيخرج بأفكار وتوصيات حول كيفية معالجة قضايا قيادة النساء للتطوير في كل مكان في العالم.

 

تقدم سريع للبحرينيات

وشهدت أعمال افتتاح المؤتمر جلسة تفاعلية مع رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة هيلين كلارك تحدثت خلالها عن التحديات التي واجهتها لدخول برلمان بلادها وبقائها عضوة فيه لمدة 27 عامًا أصبحت بعدها زعيمة للمعارضة ثم رئيسة للوزراء، كما تحدثت عن تجربتها في الترشح لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة.

وقالت كلارك إنها تزور البحرين للمرة الخامسة، وترصد عن كثب التقدم السريع الذي تحرزه النساء البحرينيات في مختلف المجالات، وقالت “ما تحقق في نيوزلندا وغيره من الدول الأوربية بالنسبة للمرأة لم يأت بين ليلة وضحاها، وجيلي ناضل كثيرًا من أجل المكتسبات التي تحققت الآن”.

وأعربت عن إيمانها بأنه كي تتولى المرأة أية عمل أو منصب يجب أن تكون أفضل شخص للقيام بذلك، وليس لأنها امرأة، وأبدت تحفظها على ما يسمى بـ “الكوتا”، وأشارت إلى أن القيادة تتطلب قوة وصرامة، والناس تعتقد أن المرأة القوية هي امرأة خارجة عن المألوف، وهذا اعتقاد غير صحيح، وتحدثت أيضًا عن أن المرأة يمكن أن تكون سياسية لامعة وربة أسرة ناجحة في ذات الوقت.