+A
A-

التفرغ والخصخصة وقانون الاستثمار أهم التحديات

سلطت دورة تأهيل منظومة الاحتراف الرياضي التي استضافتها المملكة الأسبوع الماضي، الضوء على شرح ماهية الاحتراف الرياضي ومتطلباته وأبرز الصعوبات التي تواجه تطبيقه في الوطن العربي رغم الجهود المبذولة في هذا المجال بهدف الوصول إلى أعلى متطلبات الاحتراف الرياضي وفقًا للأنظمة الدولية المتبعة.

“البلاد سبورت” سجلت العديد من النقاط المهمة التي تطرق لها المحاضرون في الدورة لتنقلها إلى القارئ الكريم وتقرب إليه الصورة بشكل أدق وأعمق لنقدم حصيلة معرفية عن هذا الموضوع الذي أصبح أحد أهم العوامل الرئيسة للنهوض بالحركة الرياضية في شتى البلدان العربية ومن بينها مملكة البحرين التي ترنو لتطبيق الاحتراف في مختلف الألعاب الرياضية وفي مقدمتها كرة القدم.

الرياضة .. ظاهرة حضارية وقوة اقتصادية

أشار أستاذ الإدارة الرياضية بجامعة البحرين عبدالرحمن سيار إلى المنطلقات والمسلمات التي تقود إلى الاحتراف الرياضي، موضحًا الأثر المهم للرياضة في المجتمعات، حيث أوضح أن الرياضة تعد ظاهرة اجتماعية ثقافية كانت وما زالت وستبقى الوجه الحضاري لأي مجتمع وتعد أبرز دعائم التنمية الشاملة المستدامة.

وأضاف “الرياضة تعد معلمًا أساسيًّا في حياة الشعوب وأصبحت أسلوب حياة وحقًّا أساسيًّا لجميع أفراد المجتمع، ولكنها لم تعد تلك الممارسة البدنية والرياضية ذات الأبعاد الصحية والاجتماعية والثقافية، بل أصبحت أحد المجالات الأكثر جاذبية لرؤوس الأموال واهتمام القوى الاقتصادية، ونتيجة للتغطية الإعلامية وما يصاحبها من توجيه وتوعية وتحفيز لأفراد المجتمع لممارسة الرياضة نجد أنفسنا اليوم أمام حالة عولمة للرياضة ..”.

منظومة الاحتراف

ويؤكد سيار أن الاحتراف يعني تفرغ الرياضي سواء أكان لاعبًا أم إداريًّا أم مدربًا أم حكمًا، وبالتالي تصبح له مهنة لها شروطها المهنية وهي الاستمرارية والمواظبة والعقود، مشيرًا إلى أن منظومة الاحتراف أصبحت فكرًا ومنهجًا وتطبيقًا لها ضوابط وشروط ولوائح تهدف النهوض بالرياضة والرياضيين.

وأضاف “الاحتراف الرياضي منظومة يستفيد منها الرياضي المحترف في تطوير نفسه من جميع النواحي وسبب في الارتقاء بالأداء والإبداع للرياضيين وتحقيق الإنجازات والبطولات وتحقيق المخرجات المرجوة، كما أن الاحتراف يعتمد على عدة مبادئ أساسية أولها الرغبة الصادقة والأمينة في الانخراط  في الاحتراف، والولاء للجهة المحترف بها اللاعب ويبدو ذلك في المصداقية والإخلاص في الأداء والسلوكيات الحميدة، والإرادة والطموح لبذل المزيد من الجهد للتطوير والتأهيل الذاتي للتميز في الأداء..”.

وتابع سيار “من هنا تحولت الرياضة من مجرد نشاط يمارس كهواية ويستمتع به المتفرجون من الجمهور إلى صناعة تقدم على أسس علمية متخصصة وأحد المداخيل المهمة التي تنعكس بالإيجاب على اللاعبين والمنظمة الرياضية...”.

التحديات

وذكر سيار أن هناك الكثير من التحديات التي تواجه الاحتراف الرياضي والمتمثلة في العنصرية، التعصب، المنشطات، العنف في الملاعب، قانون التفرغ الرياضي ومدى تداخله مع قانون الخدمة المدنية، منظومة الخصخصة وقوانين الاستثمارات الرياضية.

الفرق بين الاحتراف والهواية

وبدوره، يؤكد المحاضر الأردني د. محمد ذيابات أن الاحتراف هو العمل للاعب أو المدرب أو الحكم أو الإداري، وله دخل من هذا العمل وحسب شروط متفق عليها، أما الهواية فهي ممارسة الرياضة من دون مكاسب مادية.

وأضاف “اللاعب الهاوي يشترك في الرياضة من أجل المتعة وملء الفراغ، ويشترك في المسابقات بحسب برامج الاتحادات واللجنة الأولمبية، ويحصل على إجازته حسب رغباته وميوله وأي تقصير يبذر منه يعالج بالبحث والدراسة، أما المحترف فيشارك من أجل المكاسب المادية ويشارك في المسابقات الأكثر دخلاً، وإجازته تكون بحسب برنامج المسابقات، وأي تقصير يعالج بالخصومات المالية ويعاقب بحسب النصوص المبرمة في العقد”.

وذكر أن تطبيق الاحتراف يتطلب كذلك استعدادًا رسميًّا وشعبيًّا، مضيفًا “الاستعداد الرسمي نقصد به إرادة الدولة في دعم منظومة الاحتراف من خلال توفير الدعم المادي وإنشاء البنية التحتية الملائمة، وأما الاستعداد الشعبي فنقصد به قناعة الأهالي بدخول أبنائهم منظومة الاحتراف والتهيئة العقلية لدى عامة الناس بأهمية الاحتراف لبناء العقلية الاحترافية في المجتمع..”.

وأضاف “لإنجاح الاحتراف الرياضي لابد من وجود دعم مادي من الدولة يقدم للأندية بشكل منتظم للوفاء بالتزاماتها تجاه اللاعبين والمدربين والإداريين، وتشييد ملاعب تكون تحت تصرف الأندية، كما أن التفرغ الكامل مطلوب للوصول باللاعب إلى البطولات لأن الجرعة التدريبية اللازمة أصبحت تأخذ كل الوقت الممكن للرياضي، مع ضرورة تأمين الحياة الكريمة للرياضي حاضرًا ومستقبلاً، وضمان تقاعده وحياته بعد تركة للرياضة”.

واقع الاحتراف بالوطن العربي

وذكر ذيابات أن بعض المشجعين في الوطن العربي لا يزالون يتعاملون مع احتراف اللاعبين بأنه تخاذل لدرجة أنهم لا يقبلون انتقال لاعب لناد آخر، لأن اللاعب العربي ما زال محكومًا بنظام الهواية، فيما العقلية الاحترافية ما زالت في طور النمو، وأكد ذيابات عن أهمية احتراف المدرب والإداري والمعالج والإعلامي والحكم.

وأضاف “مازلنا لا نفرّق بين اللاعب الهاوي واللاعب المحترف سوى ارتفاع في رواتبهم ومقدمة عقودهم إننا بعيدون كل البعد عن الاحتراف وقواعده الصارمة، وسطنا الرياضي مغلف بشعار الاحتراف”.

وأما بالنسبة للمحترفين العرب فقد أوضح ذيابات أن معظمهم غير منضبطين سواء في التغذية أو النوم ومواعيد التدريب كما أنهم يدخنون، موضحًا أن النجاح في الاحتراف هو العمل ثم العمل، والجدية في التدريبات والانضباط داخل الملعب وخارجه وهذا ما ينقص أغلب الرياضيين، فالاحتراف على حدّ قوله ليس مجرد أداء فني ومهاري فقط، بل هي عمليه مرتبطة بالكثير من المواصفات والمقاييس الثقافية والفكرية والسلوكية.

العوائق

وأضاف ذيابات أن الاحتراف يتطلب رأس المال والملاعب ومنظومة متكاملة من اللاعبين والمدربين والإداريين المتفرغين، لافتًا النظر إلى أن الاحتراف الرياضي يتطلب بالدرجة الأولى شرطين أساسيين وهما المال والتفرغ الرياضي لكل أركان اللعبة، ولكنه أبدى أسفه لعدم توفرهما، متسائلاً “كيف سيطبق الاحتراف بغياب المال والملاعب؟”.