+A
A-

أمين العريض: السمعة والأثر الطيب رأس المال الحقيقي

280 دينارا أول راتب تقاضيته في بداية حياتي العملية

تعلمت بمدارس خاصة.. وأكملت الجامعة في أميركا

القطاع العقاري فتح بابا للبنوك بعيدا عن القروض الشخصية

استطاعت “ريف” إقراض 30 مليون دينار في 18 شهرا

 

يؤمن بمرونة العمل واغتنام الفرص أينما حلت، وإمكان التنقل بين القطاعات مادام هناك فائدة، وطريق سالك للحاق بما هو موجود في السوق. بدأ اقتصاديًا ثم مصرفيًا ثم بالتمويل العقاري إلى أن وصل إلى سدة شركة تطوير عقاري، تعمل أيضا في مجال الخدمات الصناعية واللوجستية.

يعتبر والده وعمه جواد العريض قدوتيه في الحياة الاجتماعية، والمصرفي مراد علي مراد والدكتور عبدالله سيف والدكتور خالد عبدالله مرشديه في الحياة العملية، إذ يؤكد أنه تعلم منهم الكثير.

يقول الرئيس التنفيذي لشركة البحرين الأولى أمين أحمد العريض إن الحياة تحديات ومفاجآت وظروف، وعلينا التسلح بالأمل لاجتيازها، معتبرا السمعة والأثر الطيب الذي يتركه الشخص عند الناس رأس المال الحقيقي.

وفيما يلي نص الحوار:

 

يقول العريض “ولدت في البحرين بالعام 1973، ثم انتقلت عائلتي وأنا ابن عامين تقريبا إلى بريطانيا؛ ليكمل والداي الدكتور أحمد سالم العريض والدكتورة رباب المدني دراسة الطب، حيث كانت وزارة الصحة تبتعث الأطباء للدراسة واكتساب الخبرة؛ باعتبار لم يكن في البحرين كلية للطب آن ذاك. والتحقت بالمدارس في بريطانيا لمدة عامين حتى بلغت 7 سنوات تقريبا، ثم عدنا إلى البحرين”.

وتابع “تنحدر عائلة العريض من فريج الفاضل، ولا يزال منزل جدي هناك، (...) تربطني علاقة خاصة مع هذا الفريج، لكننا انتقلنا للعيش في منطقة القفول التي أمضينا فيها نحو 5 أو 6 سنوات، والتحقت وقتها بمدرسة سانت كريستوفر، ثم إلى مدرسة البحرين الأميركية بالجفير. أكملت دراستي الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس خاصة، وبعد أن تخرجت من البكالوريا في العام 1992، ذهب إلى الولايات المتحدة الأميركية لاستكمال دراسة الجامعة، حيث درست الاقتصاد بدرجة الامتياز في جامعة (ريد لاندز) بكاليفورنيا، وهي جامعة خاصة صغيرة إلا أنها من الجامعات الممتازة وتبعد ساعة واحدة عن لوس انجلوس”.

عندما تخرجت، في منتصف التسعينات، كانت البحرين تشهد نشاطا بنكيا ومصرفيا قويا، حيث المؤسسات الدولية والبنوك المتعددة، والدعم الحكومي للقطاع لخلق مركز مالي قوي، فاتجهت للعمل في القطاع المصرفي الذي شعرت وقتها بأن له مستقبلا كبيرا فهو ينمو ويتقدم بشكل مهول.

رغبت العمل بالقطاع الخاص، مخالفا - تقريبا - عرف العائلة التي كانت تميل للقطاع العام، فعمي جواد سالم العريض كان آنذاك وزيرًا للصحة (الذي يشغل حاليًا منصب نائب سمو رئيس الوزراء)، وكان والداي يعملان في مستشفى السلمانية وكذلك الأمر بالنسبة لبقية أفراد العائلة، حيث تجدهم في مؤسسات الدولة.

فضلت القطاع المصرفي، وبالفعل التحقت للعمل في مؤسسة نقد البحرين (مصرف البحرين المركزي)، فهو حلقة الوصل بين القطاعين العام والخاص التي كانت تقوم بدور جبار - ومازال - في تلك الفترة، حيث تدفق المؤسسات المالية على السوق البحرينية، والنمو والازدهار، ولأن خلفيتي اقتصادية كنت جزءا من فريق البحوث الاقتصادية وتحديدًا المسؤول عن المهام التي يركز عليها التقرير السنوي الذي كانت تصدره مؤسسة نقد البحرين ويشمل القطاع المالي عموما واقتصاد البحرين.

عملت في المؤسسة لمدة 5 سنوات، وقبل انتهاء فترة عملي معها ابتعثت إلى العاصمة الأميركية واشنطن لخوض دورة متخصصة لدى صندوق النقد الدولي (IMF) لمدة 6 أشهر، تعنى باقتصاديات الشرق الأوسط، (...) كانت تجربة ممتازة.

أثناء تواجدي هناك قررت المضي بأمرين، الأول إيجاد فرصة عمل في القطاع الخاص، أي في البنوك، وكانت الفرص متوافرة تماشيا مع نمو السوق، أما الثاني فكان يتعلق بمواصلة دراساتي العليا، (...) وجدت اهتماما كبيرا بالشهادات في صندوق النقد الدولي، وبالفعل بدأت مباشرة، إذ قدمت للماجستير في إدارة الأعمال (MBA) ببرنامج مشترك بين جامعة ديبول الأميركية ومعهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية (BIBF) بدعم وتشجيع من بنك البحرين والكويت.

ويقول العريض “بعد عودتي من أميركا إلى البحرين بعام واحد التحقت بالعمل في بنك البحرين والكويت في وقت كان يعتبر من أكبر البنوك التجارية بالمملكة وأشهرها، حيث عملت ضمن الإدارة الجديدة باحثا اقتصاديا في وقت كان يقود البنك المصرفي مراد علي مراد رئيسا تنفيذيا، ونائبه الدكتور فريد الملا. عملت معهم 5 سنوات”.

ويضيف “أذكر أن مسؤولي في ذالك الوقت كان الدكتور خالد عبدالله (الرئيس التنفيذي لبنك الإسكان حاليا) - والذي كان له فضل كبير علي، فقد منحني الفرصة بتعييني رئيسًا للفروع بالبنك وكان منصبًا مهما جدًا، بعد أن وصلت إلى مرحلة أنني كباحث لن أستطيع الصعود أكثر في بنك تجاري، وكانوا بالبنك بحاجة لتطبيق النظريات التي يتوصل إليها الباحثون على أرض الواقع. كنت صغيرا نسبيًا عند تعييني رئيسًا للفروع، في الثلاثينات من عمري مقارنة بمن هم في نفس منصبي والذين كانوا بالخمسينات”.

ويتابع العريض “منصب كبير ومسؤولية كبيرة لتطبيق النظريات والأفكار في الإدارة على أرض الواقع، والحمدلله أنجزت المهمات بنجاح، نلاحظ أن البنك لديه فروع كثيرة وكبيرة الآن وهي جاءت ضمن الإستراتيجية التي وضعت في تلك الفترة. كانت فكرة المؤسسات المالية للبنك من الأفكار التي طرحها الدكتور خالد عبدالله، وقد كنت جزءا من التنفيذ والتطبيق، إضافة إلى كوني مسؤولا عن القروض العقارية وهي تعتبر بدايتي في قطاع العقار، إذ كنا نمول المستثمرين والراغبين في شراء العقارات، ولذلك كان جزءًا من عملي متابعة مشاريع معينة ودراسة جدواها الاقتصادية”.

توصلنا في البنك - أسرة البنك كافة - إلى أن البحرين تزخر بالفرص، وأن البنوك التجارية تصب اهتمامها على القروض الشخصية أو قروض الشركات، في حين لا تلتفت إلى القطاع العقاري، إذ لم يكن ضمن تخصصها. إن عملية إقراض القطاع العقاري معقدة لدى معظم البنوك خصوصًا عندما بدأت الحكومة تسمح بالبيع على الخريطة أو بيع الشقق، فوثائق البيع على الخريطة لم تكن تصدر إلا بعد استكمال المشروع، ولم يكن في ذلك الوقت قانون يسمح بإعطاء وثيقة لبيع الشقة - بخلاف الآن - فهذه الآليات كانت غير موجودة وبالتالي كان يصعب على البنوك الإقراض دون وثيقة؛ لأنها تعتبر الوثيقة ضمانا، (...) فكيف تقرض من دون وجودها؟

ويضيف “درسنا الموضوع وبدأنا البحث في إنشاء أول مؤسسة مالية مختصة في تمويل العقارات وأطلق عليها شركة سكنا، عملنا عليها وأنشأناها تحت مظلة بنوك تجارية (بنك البحرين والكويت وشريكه مصرف الشامل سابقًا “بنك الإثمار حاليًا”).

ويكمل “واجهنا العديد من التحديات والصعاب، كان على رأسها غياب القوانين، وصعوبة الإجراءات بالبنوك التي عادة ما تتكيف مع معطيات السوق، فمن كان يلجأ لشراء العقارات مستثمرون من الخارج، وهنا يأتي السؤال: كيف ستمنح تمويلا للأجانب الذين ليس لديهم راتب شهري؟ من هنا انطلقت فكرة تأسيس بنك مستقل يعنى بالقطاع العقاري، وقررنا أنا والدكتور خالد عبدالله وبعض الزملاء إطلاق شركة ريف للتمويل العقاري والتي نجحت وأثبتت نفسها في السوق”.

كانت تجربة جديرة، تأسيس شركة ونجاحها، وأن تعمل في تمويل القعار، (...) خلال أول 18 شهرًا من تأسيس “ريف” تمكنا من إقراض 30 مليون دينار وهي ذات قيمة محفظة بنك البحرين والكويت. وكانت ريف مستقلة عن بنك البحرين والكويت، فالمستثمر الرئيسي فيها شركة غلوبل الكويتية، ونتيجة للأداء الجيد للسوق فقد كان النمو بالقطاع العقاري في بداية الألفية الثانية (أول عشر سنوات) كبير جدا، لذا استفادت ريف من ذلك وعرفت كيف تستثمر هذا النمو الهائل، (...) نجاح تجربة ريف وولوج القطاع العقاري هو ما أهلني إلى رئيس تنفيذي لشركة البحرين الأولى لأن المستثمر الرئيسي في شركة ريف (شركة غلوبل الكويتية) هو ذاته المستثمر الرئيسي في شركة البحرين الأولى.

ويتابع العريض “دعاني المسؤولون في شركة غلوبل وعرضوا علَي فكرة تأسيس شركة استثمارية مهتمة بالسوق البحريني (وفي ذات الوقت كانت لديهم “دبي الأولى” و “قطر الأولى”، كانوا مهتمين بتأسيس شركات تستثمر الفرص في دول مجلس التعاون)، عرضوا علَي تأسيس شركة من الصفر وكان رأس مالها 100 مليون دولار (رأسمال لا بأس به) وقد أحببت فكرة أنني من أختار الفريق الذي أعمل معه، والأشخاص الذين سأعمل معهم. وبالفعل بدأنا العمل بوضع اقتصادي جيد وكانت جميع المعطيات إيجابية وداعمة لترك شركة ريف والبدء بمرحلة جديدة مع شركة البحرين الأولى وهذا ما حصل، ففي العام 2007 التحقت بـ (البحرين الأولى) مديرًا عامًا وتم تأسيس المكتب في البحرين - الذي يعتبر المطبخ لأعمال الشركة كون جميع المشاريع في البحرين، فبه كل الأقسام الخاصة بالمشاريع من هندسة وغيرها - وآخر في الكويت ينصب اهتمامه أكثر نحو المساهمين ويتواجد به أمين سر الشركة والمحاسب المالي؛ لأن البيانات المالية للشركة يجب عرضها في الكويت”.

ويضيف “بعد عام واحد من انطلاقنا بدأت المشاكل مع الأزمة المالية التي حدثت، وكنا مهتمين بالتركيز على تطوير الأراضي في منطقة السيف 2006 و2007 لكن الظروف في العامين 2008 و2009 فرضت علينا إعادة النظر بعد حدوث ركود في القطاع العقاري خصوصًا للمشاريع الضخمة التي تحتاج إلى تمويل كبير وشراكات مع بنوك، فقررنا تغيير مسارنا - مع الإبقاء على القطاع العقاري - ونبدأ الاهتمام بالقطاع الصناعي الذي كان من ضمن القطاعات القوية والصلبة والقادرة على تجاوز الأزمة؛ لأن الطلب عليها قوي، فأتت فكرة شركة مجال للمستودعات تحت شركة البحرين الأولى، وبدأنا الشركة الجديدة بتحفظ”.

ويقول “كنا أول شركة طرحت فكرة المستودعات بمستوى عال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وحققنا قصة نجاح يحتذى بها، وبعد ذلك أصبح لدينا ثقة أكبر فاستثمرنا في الجنبية وأسسنا مجمع مركادو وبجانبه نعمل على إنشاء 42 فيلا ينتهي العمل فيها بنهاية العام الجاري، كما ندرس حاليا تطوير الأراضي في السيف التي كان يجب أن نبدأ فيها قبل نحو 10 سنوات، سيكون لنا بصمات فيها بالعام 2018 و2019 إن شاء الله”.

 

أول سيارة اقتنيتها؟

- نيسان باترول رمادية ذات الدفع الرباعي في العام 1996، وأحببت هذا النوع من السيارات.

 

أكلتك المفضلة؟

- أنا ذويق بالأكل عمومًا، لكنني أحب الطعام الإيطالي والصيني والياباني، كما أفضل التنويع بالطعام، وأعتبر المطاعم جزءا كبيرا من سفري و“أقدر الطباخ الزين”.

 

أول راتب حصلت عليه؟

- حصلت في مؤسسة النقد على نحو 280 دينارًا، وكان يعتبر راتبًا جيدًا في ذلك الوقت، وأذكر أن السلم الوظيفي في القطاعين العام والخاص كان متقاربا في تلك الفترة، أي في بداية التسعينات، لكن مع الوقت ازدادت الفجوة لصالح الخاص.

وأذكر أن زملائي الذين عادوا معي من الدراسة كانت رواتبهم في القطاع الخاص ضعف راتبي في العام، وكان هناك حافز كبير للانتقال لـ “الخاص” فضلا عن أن الوظائف تنمو فيه بصورة غير طبيعية، واستفدت كثيرًا خلال فترة عملي ببنك البحرين والكويت.

 

قدوتك في الحياة؟

- الوالد وعمي جواد من الناس الذين دائمًا أنظر لهم نظرة مميزة في الجانب الاجتماعي. وفي الجانب العملي المصرفي مراد علي مراد وعبدالله سيف، رئيس مؤسسة نقد البحرين سابقًا، والدكتور خالد عبدالله، فهم من الناس الذين كان لهم دور كبير في إرشادي.

 

آخر كتاب قرأته؟

- كتاب “Antifragile” للسيد نسيم طالب، واعتبره كتابًا ممتازًا ويستحق القراءة.

 

حكمتك المفضلة؟

- لا أذكر الحكمة تحديدا، لكن معناها أن “الإنسان يجب أن يطمح ويعطي، لكن في النهاية لا يستطيع التحكم بالنتائج، فالحياة بها تحديات ومفاجآت وظروف، وهذا غير مهم، لكن المهم ألا تفقد الأمل وتواصل في مسارك وتحاول أن تترك أثرا على الناس التي تعمل معهم، خصوصًا في بلد صغير كالبحرين، دائمًا من المهم المحافظة على السمعة الطيبة بأن يتذكرك الناس بالخير”.

 

نصيحتك للشباب؟

- المرونة، فعندما بدأت كان لدي تفكير خاطئ وهو التخصص في مجال معين، إلا أنني وجدت أن الدنيا تتحرك بطريقة غريبة وعجيبة وحتى القطاعات الناشئة اليوم قد تختفي مستقبلا، وأذكر أن أحد زملائي تخصص في نظام برمجة تقنية المعلومات وبعد صدور النظام التشغيلي للأبل انتهى البرنامج الذي كان يعمل عليه، ولذلك يجب أن يكون الشخص مرنا ويستطيع الانتقال من قطاع إلى آخر ومن تخصص إلى آخر ويغتنم الفرص. فعلى سبيل المثال بدأت اقتصاديا ثم مصرفيا فانتقلت إلى القطاع العقاري.. يجب ألا نخاف، فبعض الأحيان عندما يكون لدينا خلفية من قطاع آخر بإمكاننا تطبيقها في القطاع الجديد الذي سنعمل به وقد نعطي أفضل. المرونة في اختيار مجالات قد لا يكون لها علاقة بما درسناه، فينبغي اغتنام الفرص.