العدد 6093
الجمعة 20 يونيو 2025
banner
من التحديات الجيوسياسية إلى القوة الاستراتيجية: مملكة البحرين ودول الخليج العربي في موقع القيادة
الجمعة 20 يونيو 2025

أعاد التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران المخاوف الجيوسياسية إلى الساحة العالمية، حيث ارتفع خام برنت بنسبة تتراوح بين 11.8 %. وبينما تستعد العديد من الدول لمزيد من الاضطراب، تستغل مملكة البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي هذه اللحظة ليس بالقلق، بل بالرؤية والجهوزية.

وبفضل القيادة الحكيمة والسياسات الإصلاحية والرؤية الاقتصادية طويلة المدى، يُحوّل الخليج الاضطرابات الإقليمية إلى زخم اقتصادي متجدد.

لقد وضعت سنوات من الإصلاح المالي الصارم، والحكم المتبصر، والتنويع الاقتصادي دول الخليج في موقع قوي للتعامل مع تقلبات أسواق الطاقة. وأحرزت البحرين، على وجه الخصوص، تقدما ملموسا في تحقيق التوازن المالي وتعزيز الاقتصاد غير النفطي. وتُعزز هذه المكاسب اليوم من خلال ارتفاع ملائم في إيرادات النفط.

في ظل بقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة، تظهر أمام البحرين والمنطقة فرصة نادرة لتسريع تنفيذ المشاريع الاستراتيجية، وتعزيز الاحتياطيات السيادية، ودعم الأهداف التنموية طويلة المدى. ولا يتم التعويل على ارتفاع الأسعار فقط، بل تُستخدم هذه المرحلة لبناء اقتصاد أكثر متانة وجاذبية للمستثمرين.

من المتوقع أن يحظى اجتماع “أوبك+” المقرر في 1 يوليو بمتابعة دقيقة. فخلال الأشهر الأخيرة، زادت المجموعة إنتاجها استجابة لتعافي الطلب العالمي. ومع تزايد عدم اليقين الجيوسياسي، يتوقع المحللون أن تتبنى “أوبك+” نهجا أكثر مرونة واعتدالاً في إدارة العرض، بما يضمن استقرار الأسعار دون المبالغة في الإمداد. ويُعد هذا التحول، بقيادة المملكة العربية السعودية وبدعم من دول الخليج العربي، دليلاً على نضج وتأثير التحالف. لقد أثبتت “أوبك+” انضباطاً وبُعد نظر استثنائي. والقدرة على التفاعل المرن مع تحركات السوق تُعزز مكانة الخليج كشريك طاقة موثوق به عالمياً.

في المقابل، تواصل الأسواق المالية الخليجية أداءها القوي في السنوات الماضية. وتستفيد الميزانيات والصناديق السيادية من زيادة العائدات. ويظل إقبال المستثمرين قوياً، مدعوماً باستراتيجيات تنموية طويلة الأمد مثل رؤية البحرين 2030، والمشاريع الضخمة في السعودية، وخطط التحول الاقتصادي في الإمارات.

بالطبع، لا تخلو المرحلة من التحديات. فقد يؤدي استمرار النزاع إلى مزيد من تقلبات السوق وضغوط تضخمية.

إلا أن دول الخليج لا تقف موقف المتفرج، بل تتحرك مبكراً، وتُحسن إدارة المخاطر، وتستثمر الظروف الحالية في تعزيز الإصلاح المؤسسي والاستقرار المالي.

قصة البحرين اليوم، كما هي قصة الخليج، لم تعد تُختصر في النفط فقط، بل أصبحت قصة نضج اقتصادي وقدرة على تحويل التقلبات إلى فرص. إن وضوح الرؤية لدى القيادة الخليجية هو ما سيحدد مستقبل المنطقة لعقود قادمة. البحرين والخليج يُثبتان أن السياسات المنضبطة والوحدة يمكن أن تُحوّل أي تحدٍ إلى فرصة.

*مستثمر مالي ورجل أعمال

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .