في محاولة الإنسان لفهم العالم من حوله وفهم ذاته، يواجه كمًّا هائلًا ومتنوعًا من الانطباعات والبيانات الواقعية التي لابد من ترتيبها وتكاملها للوصول إلى تقدير أفضل لمدلولاتها وفهم أعمق لمعانيها وعلاقاتها المتشابكة. إن مفهوم النظم هو الوسيلة الأكثر فعالية لتحقيق هذه الغاية، فهو يمثل طريقة لعقلنة العالم، ويمكن تصور الكون، بحسب هذا المفهوم، على أنه يتألف من مجموعة من النظم، كل منها محاط بنظام أكبر.
أسرد هذه المقدمة لأنني على يقين تام بأن أحد السادة النواب لا يعيش معنا في عالمنا الواسع، بل يدور في عالمه الضيق بكل راحة وطمأنينة، متفوقًا في ذلك على زملائه الذين يراهم يعملون في دروب أخرى. هذا النائب قد تفوق عليهم في تقديم اقتراحات تثير الدهشة والألم في آن واحد. وقبل أيام، بلغت هذه الاقتراحات الغريبة ذروتها، كاشفة النقاب عن صفته الثابتة النهائية: عدم معرفته بالقوانين المتعلقة بعمل وتحرك النواب، والعالم المحجوب الذي يعيش فيه.
كل اقتراح قدمه هذا النائب منذ بداية دخوله المجلس يثير الجدل ويسير في اتجاه عبثي. لا رؤية، ولا نظرة علمية توفر القاعدة الصلبة للعمل الحقيقي. أنا لا أتحامل على هذا النائب أو غيره، لكنني كفرد من أفراد المجتمع وكمراقب لأداء النواب، يحق لي التساؤل: كيف وصل هذا النائب إلى البرلمان؟ فكل ما يطرحه ويقدمه لا يتماشى مع واقع الحياة والمنطق. ولا شك أن اهتمامنا بهذه المسألة يؤكد أن أي نجاح أو تقدم لمجلس النواب لا يمكن أن يتحقق إلا بوجود نواب أصحاب خبرة وتجربة حقيقية.