العدد 6045
السبت 03 مايو 2025
banner
“عودك رنان” لفيروز
السبت 03 مايو 2025

اسم “علي” من الأسماء الجميلة لدى العرب والمسلمين كافة، أيًّا كان تفاوت درجات المكانة بين فئاتهم الدينية تجاهه، وقد برزت مكانة اسمه قبل انقسام العرب والمسلمين، كما جذبت خصاله وشمائله في الحق والشجاعة والعدل لدى العديد من الكتّاب والمفكرين العرب من الطوائف الأخرى غير المسلمة كالمسيحيين العرب، لكن سرعان ما اُتخذ لاحقًا رمزًا مقدسًا لطائفة بعينها. وفي عزّ الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990) أواسط الثمانينيات التي مرت ذكراها الخمسون الشهر الفائت غنت العظيمة فيروز أغنيتها الشهيرة الجميلة “عودك رنان يا علي” بعيدًا عن أية اعتبارات طائفية، وحققت الأغنية نجاحًا ساحقًا؛ لجمال الكلمات والألحان والتوزيع، وقد لحّنها وكتب كلماتها ابنها الفنان الكبير زياد الرحباني، ومع أن الحرب الأهلية جرت بين اليسار ذي الأغلبية المسلمة واليمين ذي الأقلية المسيحية، إلا أن الطرفين لم يتورعا عن توظيف الانتماء الطائفي في تأجيج الحرب والشحن والتحشيد، حتى أن جورج حاوي أمين عام الحزب الشيوعي الراحل ينقل عن كمال جنبلاط، زعيم تحالف الحركة الوطنية، أنه في فصل من فصول تلك الحرب التي بدت فيها الغلبة لليسار والمسلمين قوله: نصفهم (يقصد المسيحيين) سيشهر إسلامه، والنصف الآخر سيستسلم أو يقتل! (انظر كتاب غسان شربل، جورج حاوي يتذكر).

كانت فيروز في أغنيتها تمجد العود أشهر آلة موسيقية عريقة عند العرب، على اختلاف مللهم ودياناتهم، ولكن شريحة اجتماعية من ذوي الأفق الضيق الذين لا يرون أبعد من أنوفهم جيروا تفسيرها بأنها إساءة للإمام علي، وكأن الإمام يتعاطى في زمانه مع الفن الموسيقي! وفي حوار أجرته إحدى القنوات المصرية مع الفنان زياد قبل سنوات علّق على تلك الواقعة ساخرًا: ألم يجدوا ضالتهم إلا في فيروز لاتهامها بالطائفية؟ وهي الفنانة التي عُرفت بوقوفها موقفًا وطنيًّا محايدًا بين مجانين تلك الحرب.

مع أنها كانت تسكن في منطقة الروشة في الجزء الغربي من العاصمة المنقسمة على نفسها المحسوب على المسلمين.

يُنسب للرسول في عصره (ص) القول: الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها. ورغم أن الفتن تظل هاجعة في عصور الوئام بين مكونات الشعوب، لكن للأسف ما زالت تُوظف في عصرنا شديد الاضطراب، وغالبًا لغايات دينية سياسية!.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية